اسطورة في عالم الغباء

رائد شيكاخوا - خبير مالي


كنت قبل عدة ايام اجلس في صالون الحلاقة، ولفت نظري عنوان باحدى المجلات قرب اسم احد الفنانين وكتب فيها ان فلان اصبح اسطورة في عالم الغباء العربي، ودهشت للعنوان لاسيما مع وجود اسم وصور لفنان شهير، ولكنني عندما اعدت قراءة العنوان تبين انه فلان اصبح اسطورة في عالم الغناء العربي ولكنني قرأته خطأ او ربما قرأته كما احب ان يكون، عندها بطل العجب من حيث الكتابة الحرفية ولكنني تساءلت في نفسي ايها اصح من حيث المعنى؟

هل هذا المطرب الذي افنى حياته بالغناء والذي ابتدأه منذ نعومة اظفاره واحترفه شابا وتألق على قمة الغباء عفوا اقصد على قمة الغناء وهو في منتصف العمر ، هو وغيره من المطربين، هل هذا غباء ام غناء وفن وطرب، واذا تساءلنا ماذا قدم هذا المطرب وذلك الفنان للوطن العربي والاسلامي، ماذا قدم من فائدة ذلك الطبل والزمر والرقص والصياح امام الجمهور بما يليق من الكلام وبما لايليق.

اذا قارنا اسمه باسم مناضل او مجاهد من مجاهدينا، او باسم ثائر ممن حرك الثورات ببعض البلدان العربية والتي اوصلها ذلك للتحرر من الظلم والطغيان، او باسم عالم او مكتشف او طبيب تمكن من اكتشاف دواء لمعالجة مرض فتاك، فاننا نتوصل الى ان هؤلاء قد قدموا خدمة للمجتمع او للعالم، مستمر اثرها على مر الزمان، واكتسبوا اجرا بمن استفاد من خدماتهم وعاد ذلك بالاجر عليهم مضاعفا، فقد حصلوا على اجر لقاء عملهم ذاته، وحصلوا على اجر لقاء كل شخص استفاد من عملهم وهذه فائدة عظيمة وتعتبر كالصدقة الجارية، اما ذلك المغني او المطرب او الفنان كما شئتم تسميته، فقد اكتسب اثما بما يقوم به، واكسب كل من يسمعه اثما، وناله ايضا نصيب من اثم كل من استمع له، وربما والله اعلم حتى بعد وفاته عندما يستمع احد الى تسجيلاته ان بقي احد يذكره فان سيئاته تستمر بالازدياد والنمو كالنار في الهشيم.

ولكن للاسف فان الغناء اصبح منتشرا بكثافة لدرجة انك احيانا لاتستطيع تفاديه، فعندما تود سماع نشرة الاخبار بالمذياع وانت في السيارة لابد لك من اغنية عابرة قبل او بعد النشرة، وان اقفلته حتى لاتسمعها، فتمر بقربك بضعة سيارات وقد تحولت الى مسرح صاخب متنقل تكاد تسمع الاغاني والموسيقى منها عن بعد عدة كيلومترات، وان لم تكن من السيارات فمن اصحاب المحلات والنوفوتيه المختلفة ولاسيما المحلات المختصة ببيع الاشرطة والتسجيلات والتي توجه سماعات اجهزة التسجيل للخارج وترفع الصوت لتسمع الملاء وكأنه يقدم خدمة للمجتمع وليس ازعاجا.

اعتقد ان الاصلاح يجب ان يبدأ بانفسنا، فان قرص الاغاني المدمج ليس اساسيا وليس بديلا عن قرص رغيف الخبز، وبامكاننا الاستغناء عنه وبامكاننا تعويد ابنائنا على المفيد من الاعمال وقراءة القرآن بدلا من التعويد على الطرب على الاغاني، وعلينا البدء بذلك اليوم قبل غدا قبل ان ننضم الى مسيرة اسطورة الغباء العربي.


كاتب ومحلل مالي