هل أشيب قبل أن أراه ؟


عوارض كثيرة تعترض طريقنا وتعاكس نهج حياتنا وتزعزع أمن ذاتنا واستقرار أنفسنا ، ويبقى الإصرار والتحدّي والعزيمة والتّمني ، وينتصر صاحب الحكمة ليمضي بلا توقف ، وليسير بلا تردد ، ليبلغ نهاية الطّريق ، وعند البلوغ لا يكتفي بالتّوقف ، بل يجعل من وصوله بداية لطريق جديد .

إصلاح سياسي شامل ... وبما أنّه شامل فلا بدّ أن يلمس جميع مناحي الحياة ، ولذلك فإنّ حديثي سيندرج في مسارين ؛ الأول: باتجاه السّياسة ، والثّاني : نحو حديث إقتصادي ، لعلّي أسمع من أحدكم إجابة شافية لسؤالي الذي يشعرني بالحيرة ؛ حتى لو كنت أعلم شيئا من الجواب ، فلا أريد غيضا من فيض !

الجواب خطاب والإنتخابات تطرق الأبواب ، والمرحلة القادمة بإمكاننا أن نجعلها مظلمة يسودها السّواد ، وبأيدينا نجعلها مضيئة تنير درب السّائرين وتعطي الوهج للطالبين ، وكذلك فبإمكاننا جعلها دافئة باعتدال ، وبمقدورنا أن نوقد الفتيل للنّار لتصبح جمرا وقّادا يحرق الموجودين مهما احتموا خلف الأسوار .

لا بدّ أن تجري الإنتخابات القادمة بأعلى درجات الشّفافية ليس لتحقيق الديمقراطية فقط ، بل لنحافظ من خلالها على أنفسنا وذاتنا ، والأهمّ هو أن نحمي وطننا ومقدراتنا التي أصبحت ملكا للسائح الغربيّ ، نتيجة لفساد المفسدين وتصرفات الهائمين المضلّلين .

إنّ الجميع يتحمّل المسؤولية ، وله علاقة ولا بدّ له من المشاركة والدّفاع عمّا يريد ، فأنت تحمّل مسؤولياتك باختيار مرشحك الأفضل ، ليس من طاب كلامه ، وليس من أسمعك الوعود ، وليس من دعاك إلى الوليمة ، وليس من تزيّنت الشّوارع بشعاراته التي تقترب من الخيال واللامحدود ، بل هو الصّادق صاحب الموقف الثّابت والأخلاق الفضلى والوطنية العالية ، هو من يستطيع أن ينوب عنك، وليس بحاجة إلى من ينوب عنه عند أيّ حدث وفي أيّ موقف ، فهو قادر على حسن التصرف والإستدراك .
وكذلك فإنّ المسؤولية الكبيرة ملقاة على الهيئة المستقلة - لتكون فعلا مستقلة - لتحقيق رؤية الوطن ، وذلك بأن تغدو الانتخابات القادمة غير كلّ المرّات السّابقة التي أصابها التّدنيس ، ووضعت بجانبها التشكيكات والنقاط السوداء ، وأصبح الجميع يراهن على ذلك ، فلنكسب الرّهان بمجلس قادر على التيسير والتّسيير ، وليس بالمجلس المسيّر المخطّط له منذ ما طال من الزّمان .

السياسة والإقتصاد كعلاقة السّمك بالماء ، فإن خرج السّمك من البحر مات ، ولذلك فلا بدّ من رؤية اقتصادية شاملة تواجه المرحلة القادمة بثبات ، فهل ستبقى شركاتنا التي كانت وطنية فيما مضى من أحيان ، والتي لربّما كانت تهطل بالأموال بعد الأموال أسيرة بلا تحرير ، ومغتربة بلا عودة ، ولاجئة بين أهلها وعزوتها ، فهلّا أعدنا النّظر في هذه الخصخصات ، وبحثنا مجددا عن مزيدا من البدائل والخيارات ، ولعلّ جزءاً من البديل متوفّر موجود .

ثمّة ريب في هذا البديل ، فمنذ أن كنت طفلا وأنا أسمع بنيّة استخراجه ، ولربّما أشيب ولم أرى بعد إنتاجه ، فمتى سنستغلّ ما وجد في أرضنا من ثروات ، أم أنّ الصّخر الزّيتي – على سبيل المثال - يحتاج إلى مزيدا من الخبرات وبالتالي سنحتاج إلى استدعاء من يقوى على معالجة الموضوع ، واستخراج ما ليس لنا به نصيب معلوم ، فلربّما خصخص هو الآخر وما زال تحت التّراب ، أم أنّ الموازنة لا تقوى على استخراجه لأنّنا نريد تقنين النّفقات والحدّ من المصروفات ... أنا لا أعلم الإجابة ، ولا أريد الإطالة ، ولعلّنا في يوم نستيقظ على حلّ وجواب ، وأتمنى أن يكون مفرحا لنا ، فلا تصيبنا عنده علّة مفقودة الدّواء ، فكلّ العلل تتجسّد إذا سمعنا نفيا لوجوده في أراضينا على سبيل المثال ! .