أي حكومة إنتقالية هذه؟!
حتى لو أن الأخضر الإبراهيمي حقق بعض النجاح وتشكلت حكومة الوحدة الوطنية (السورية) التي تكاثر الحديث عنها في الفترة الأخيرة ،والمؤكد أنه لن ينجح وأنه لن يحقق حتى مجرد خطوة واحدة، فإن الأسئلة المحيرة التي من المفترض أنْ يبحث الموفد العربي والدولي لها عن إجابات قبل تشكيل هذه الحكومة التي لن تتشكل لا الآن ولا في المدى القريب المنظور هي :وماذا بالنسبة لهذه الحرب الطاحنة الدائرة الآن كيف سيتم إيقافها..؟ وهل سيكون الفصل بين المتحاربين بقوات دولية أم بقوات من حلف الأطلسي أم بقوات عربية؟ ثم ما هو مصير قادة الأجهزة الأمنية الذين تلطخت أيديهم بدماء أبناء الشعب السوري وما هو مصير المئات من كبار ضباط الجيش النظامي الذين إنشقوا عن هذا الجيش وإلتحقوا بالمعارضة المسلحة..؟!
دعا الأخضر الإبراهيمي في اليوم الثالث من وجوده في دمشق وقبل يوم من توجهه المفترض إلى موسكو إلى ان تكون الحكومة الإنتقالية التي أكد على ضرورة تشكيلها «كاملة الصلاحيات».. وهنا فإنه لابد من السؤال :هل أن هذه الصلاحيات هي صلاحيات الحكومة الحالية التي ربما أن بشار الأسد نفسه لم يعد يذكر إسم رئيسها أم هي صلاحيات الرئيس السوري أم صلاحيات الأجهزة الأمنية وصلاحيات رئيسها علي المملوك..؟.
ثم هل يا ترى ستستطيع هذه الحكومة ،التي حسب الخطة الأميركية-الروسية يجب أنْ تكون بداية الحل المنشود، أن تمارس أيّ صلاحيات ما دام ان بشار الأسد سيبقى ،ولمدة عامين وإلى أن تنتهي ولايته في عام 2014، رئيساً للبلاد ومادام ان قواته ومليشياته وأجهزته الأمنية ستبقى كما هي ومادام أن أبناء أخواله وأعمامه ستبقى مقاليد الأمور الحقيقية في أيديهم وسيبقون يسيطرون على الأموال والأسلحة وطالما أن النفوذ الإيراني في سوريا سيبقى على ما هو عليه وأن الخبراء الروس ستتجدد عقودهم وسيبقون يشرفون على الجيش السوري وعلى أسلحته ومعداته وعلى كل شيء..؟!
وهنا وحتى لو تم القفز من فوق هذه الأسئلة كلها واعتبار أنها ليست ضرورية ولا مبرر لطرحها فإنه تبقى هناك مشكلة «صغيرة جداً»!! وهي أن الروس قد بادروا ،عشية التوجه المفترض للموفد الدولي والعربي إلى موسكو، إلى نفي أي وجودٍ لهذه الخطة الأميركية-الروسية التي كثر الحديث عنها في الأيام الأخيرة والتي جاء بها الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق ومن المتوقع ان يحملها معه في زيارته المقررة (اليوم) إلى العاصمة الروسية.
وهنا وحتى لو تم القفز أيضاً من فوق هذه «المشكلة الصغيرة»!! التي هي نَفْيُ الروس لوجود مثل هذه الخطة الأميركية-الروسية التي كثر الحديث عنها والتي سيتم تشكيل «الحكومة الإنتقالية» التي لا تزال مجرد كلامٍ في كلام على أساسها.. فمنْ يا ترى سيحمي هذه الحكومة في ظل بقاء الأمور الامنية والعسكرية على ما هي عليه وأيضاً في ظل بقاء حزب البعث كـ»قائد للدولة والمجتمع» وفي ظل فوضى الأسلحة والمليشيات واستمرار مشكلة المهجرين إلى الخارج وفي الداخل.. والمشاكل الأخرى التي لا حصر لها على الإطلاق..؟!
وبالطبع فإنه في النهاية لابد من التساؤل عمَّا سيمنع الأسد ،الذي سيبقى رئيساً وإن تحت عنوان :»محدد الصلاحيات» والذي ستؤدي هذه الحكومة المفترضة القسم الدستوري بين يديه، من أن يبادر في لحظة غضب ولحظة إنفلات أعصاب إلى إعتقال الحكومة الإنتقالية ووضعها هي وصلاحياتها في زنازين سجن المزة التاريخي.. ثم من يستطيع ضمان ألاَّ يقوم بشار الأسد أيضاً بإنقلاب مضاد ومعاكس على هذا كله إن هو بقي في سدة الحكم ليس لعامين وإنما لليلة واحدة..!.