قمة اقتصادية نامية وبعدها متهاويه


قبل أربعة عقود من الزمان طالعتنا جريدة الرأي الغراء لخبر صغير في مقدمة الصفحة أن الأردن وسنغافورة في قمة الدول النامية فما الذي حصل بعد ذلك سؤال نطرحه على الحكومة الأردنية ووجه المقارنة بينها وبين المقترن بها يذكرني المثل القائل (شتان ما بين الثرى والثريا ) وذلك يعطي المدلولات الكاملة لهبوط مستوى الاقتصاد الأردني ووصوله إلى الهاوية وارتفاع الأخرى بالمقابل تنافس الدول العظمى اقتصاديا إن حكوماتها منتخبة من خلال مجالس نيابية منتخبة أيضا شعبيا وحكوماتنا تكنقراط وليبرالية بعيدة عن الانتخاب الشعبي من خلال المجالس النيابية ففي تلك حكومات حزبية وفي الأخرى ضد ما يسمى بالأحزاب وتصفها بأنها تحمل أجندات خارجية لتسيء الظن بها وتكره بها الشعب الأردني وقيادته لا بل تعمل من خلال الأجهزة الأمنية على الزج بهم في السجون لأنهم طلاب حرية اجتماعية ونظرة اقتصادية ثاقبة وسياسة متزنة في تلك الدولة السنغافورية حكومات ومجالس برلمانية تحدوا الاستعمار الاقتصادي وواجهوا تهديده ببرامجهم الاقتصادية وعندنا انحنوا له وركعوا لسياسته ملبين له مطالبهم وفشلت في ذلك بعد أن لجأت إلى القروض منذ تلك الفترة والمساعدات المبنية على تدخلات في سياسة اقتصاد البلد وكشف ذلك دولة المغفور له المرحوم الشريف عبد الحميد شرف والذي لمح إلى سياسة شد الأحزمة على البطون فما كان إلا أن لقى وجه ربه لفترة قصيرة وهو الرجل الثالث بعد هزاع ووصفي الذين قضوا نحبهم وهم يؤدون عملهم واتت على الدولة حكومة تلو حكومة وبرلمان تلو برلمان تخندقوا في خندق واحد يسيرون فيه عكس تيار الملك الراحل ونجله الملك الحالي بعد تسلمه العرش والشعب شارحين لكليهما بأن الأوضاع الاقتصادية تسير من أحسن إلى أحسن وكان النظام يستمع إلى آراءهم ويصدقهم لأنهم هم من يدخلون إليه فقط أما الشعب فكانت الأسوار عالية عليهم والأبواب موصدة أمامهم والإعلام مجير لجهة واحدة مسيطر عليهم مراقب في التحدث إلا بما يخدم مصالحهم الشخصية فكانت المصائب تنهال على الشعب الأردني واحدة تلو الأخرى برفع الأسعار وتلتها الضرائب وانخفاض في سعر الدينار وكانت بداية الشرارة لثورة انطلقت من الجنوب لتوصل رسالة إلى سيد البلاد بان هناك خطا ما في السياسة الاقتصادية وبدا في انتخابات نيابية يقال أنها ديمقراطية بعد إنهاء الحكومة التي فيها ولكونها رأت تخوف من السلطة التشريعية لعام 1989 لجأت تلك الحكومات التي تلتها إلى اختيار الصوت الواحد الذي يزج من هو على شاكلتهم كنواب مفصلين على طلب الحكومات ولم تقدم شيئا لا بل انجرافا تاما في خنادق الحكومات لمصالح شخصية والشعب كان يلمح إلا أن هناك تباعد كبير بينه وبين تلك المجالس وكشف الملك عبدالله الثاني خديعتهم بعد ذلك وكان بعد فوات الأوان إلا أن أوصلوا المديونية الأردنية إلى ذروتها لتقدر ب 18 مليار دولار
وفوق ذلك كان مسلسل رفع الأسعار في تزايد والضرائب كذلك علاوة على المساعدات حتى وصل بهم الأمر إلى بيع مقدرات الوطن التي اختفت لا وبل زادت الطينة بله
كل ذلك نعزيه إلى أن الحكومات تقسم يمينا أمام الملك وبعد الانتهاء منه تسير في طريق يغضب الله والملك والشعب وترضي من يتحكم بسياسة البلد الاقتصادية وكم كنا نفتقد إلى وزير مالية كفء بالرغم من أن بعضهم اقتصاديون إلا أن ذلك شكلا ولكن المضمون بعيد كل البعد عن الخبرة الاقتصادية ولو كان صحيحا كذلك لأنهيت مسالة المديونية وحلت وأصبح هناك رصيد في الميزانية بدل العجوزات التي نسمع عنها والتي يدفعها الشعب من ماله ومن لقمة أطفاله ولا نصل إلى حلول

والحل يكمن في أن يكون هناك بعد امني في سير التدخل في الانتخابات إلى لجنة حيادية من النقابات المهنية وان تكون الانتخابات حزبية والدائرة الأردنية واحدة بعد ذلك لا تجد تلك الفئة الباغية في الحكومات الفاسدة والمجالس النيابية المنضوية تحت إمرتها ليخرج الشعب لنا مجالس نيابية محترمة تخرج من صلبها حكومات كذلك من خلال الأحزاب السياسية التي تحرز أعلى الأصوات وشعب متفهم عقلاني لا عاطفي اختيار النواب تهمها سمعتها فتعمل على إرضاء الله وخدمة الملك والوطن والشعب فتستمر في العطاء لأنها مراقبة نيابيا وتعمل على تحسين صورتها وإبقائها في المنصب لأجل أعمالها الايجابية ويبقى التنافس الشريف بين الأحزاب الأردنية بعد الوصول إلى المجالس النيابية لتحظى بثقة الشعب في تقديمهم العطاء الايجابي تلو الايجابي عندها ننهي مأساتنا الاقتصادية ويتطور البلد وننهي المساعدات والقروض التي تتحكم بسياسة البلد الخانقة للمواطن وبآليات العمل تلك نصل إلى طريق السلامة ويرتاح الشعب الأردني بأنه بدا السير على الطريق الصحيح

فيا جلالة الملك أنت صاحب القرار الأول نقول لك كشعب بأننا مع تنفيذ تلك الآليات
حتى نجنب بلدنا المصائب التي تحيق به وكلنا كشعب نحبك ونحب قيادتك ويمثل ذلك الأداء في عمل تلك المتطلبات حيث يقبل عليك أكثر وأكثر ويفديك بكل ما في الكلمة من معنى لان ذلك يوفر مضلة الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والغذائي فهذا مطلبنا منك يا مولاي لكي يعيد التاريخ نفسه بان نلحق بركب الدول الاقتصادية الكبرى أو على الأقل نجاريها والتي لها ميزانيات بعشرات المليارات الزائدة عن حاجة البلد والشعب بحيث تتدخر كرصيد في بنوكنا متخلصين بذلك من الاستعمار الاقتصادي بعد أن يجد تلك الأمور التصحيحية والتي تجعل البلد سورا منيعا قويا ضد الأعاصير التي تحاول النيل منه