المالكي في عمان..ماذا ولماذا؟
هل الطريق إلى عمان سالكة دائماً؟ ماذا وجد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون في عمان التي ظلت دائماً تحافظ على التوازن في العراق وتفتح الأبواب لجميع الفرقاء وتضمن حواراتهم.
هل الزيارة شكل من أشكال الهروب إلى الأمام رأى فيه المالكي محاولة للخروج من دائرة النقد التي تعاظمت عليه وليثبت أن أبوابه مفتوحة ليست بإتجاه ايران الحليفة بعد أن أغلقت تركيا على سياساته وبعد أن بدأ الشمال العراقي تحالفات تخرج عن طوعه ولم يبق بعد سوريا التي تحترق سوى الأردن الذي يمكن أن يعطي المالكي فرصة للمراجعة .
جملة المالكي في عمان ستظل مبتدأ بلا خبر لغياب اللون الشريك والأساس في بناء الحكومة العراقية وهم أهل السنة الذين أصبح جرحهم أكثر عمقاً باتهام وزير المالية رافع العيساوي الرمز الثاني في صفوفهم بعد أن أصبح طارق الهاشمي مطارداً ومحكوم عليه بالإعدام في نفس القضية التي اتهم فيها العيساوي أيضاً وهي ممارسة الإرهاب وتواطؤ حراسه في ذلك.
هذا مسلسل لن يصل بالعراق إلى الاستقرار لأن هذا المسلسل من تهميش اللون الشريك سيقود على القسمة وسيخلق صفقات وتحالفات لها مخاطرها فهل المالكي أمام هذه المواقف مخيّر أم مجبر؟
حصار اللون السني حتى وإن لم يكن مقصوداً كما يقول المالكي وائتلافه إلا أنه يدفع هذا اللون للتحالف مع الأكراد وسيكون الثمن غير متوقع وخاصة في كركوك المختلف عليها.
لنا مصالح في العراق ومع العراق ونستطيع أن نتعامل مع الحكومة العراقية وحتى مع المالكي رغم كل الملاحظات التي يبديها الشارع الأردني فالسياسة الأردنية مرنة ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد مهما كان موقفه وقد جرى تجريب ذلك في سوريا حيث لا يتدخل الأردن حتى الآن رغم الضغوط المتزايدة عليه.
في الزيارة التي لم تتجاوز عدة ساعات هل استمع المالكي للنصيحة الأردنية؟ هل برزت أسئلة صعبة الإجابة؟ هل حاول تسويغ المواقف واحتوائها والقفز عنها كونه صاحب أجندة محددة يرى أن فرصتها قد حانت ؟ أم أنه جاء يبلغ مواقف أو يعرض أخرى؟ ثمة وسائل ضغط جديدة على المالكي تفرضها «الجيوسياسة» حين أقدمت قبائل الأنبار واهل الفلوجة على إغلاق الطريق الدولي من العراق إلى سوريا وإلى الأردن أو لنقل هددت بالإغلاق وهو ما يتضرر منه الأردن والعراق نفسه على خلفية عزل رافع العيساوي واتهامه..ولأن «الهواتين في الرأس» تؤلم فإن النصيحة الأردنية المباشرة للمالكي هي أن يجدول خلافاته مع القوى السياسية سواء السنة او الكرد وأن يعاود بناء الحكومة والبرلمان ومكونات الدولة على أسس تشاركية عادلة خاصة في غياب رئيس الجمهورية طالباني وثقله المعنوي الذي كان عامل توازن كبير ..
المالكي وان كان قوياً وحقق الكثير ورأت فيه مجموعات عراقية كبيرة انه مخلص إلا أنه يقامر بالورقة الاخيرة وقد لا يستطيع الفوز بها أو مواصلة الهروب للامام.
وحتى لا ينفجر الوضع العراقي على أسس جديدة من التقسييم والصراعات الداخلية في وقت صعب ليس على العراق فقط وانما على الاقليم ايضا سيما وأن ايران محاصرة ومستهدفة وسوريا في الدم وتذهب باتجاه الفوضى . فإن الاوراق التي كشفها المالكي في رغبته في تهميش حلفائه القدامى قد تعكس خوفه وهلعه من حسم الامور في سوريا لغير صالح النظام العراقي ولذا يدفع مبكرا في وضع يده على مفاصل الدولة العراقية كلها قبل ان يبدا التأثير الخارجي القادم من سوريا الغد عليه وعلى التركيبة التي ارتضاها
يستطيع المالكي أن يتحدث سياسة في الأردن وأن يجد النصيحة والاخلاص لكنه لا يستطيع أن يتحدث ايديولوجيا وأحلام غير واقعية فهو لا يستطيع ان يأكل الجوزة وان يحتفظ بها في نفس الوقت!!