الفشل يلاحق مكافحة عمل الأطفال

تتوسع ظاهرة عمل الأطفال في الأردن على نحو كبير خلال السنوات الأخيرة رغم تعدد الجهات الرسمية التي تدعي أنها تعمل على مكافحتها، إلا أن الواقع على الأرض يثبت أن جذورها ضاربة في أعماق المشكلات الاقتصادية والاجتماعية لترمي المزيد من أجساد الطفولة في أتون سوق العمل الذي لا يرحم، ليشكلوا نسبة رئيسية من العاملين في قطاعات حرفية تعرضهم كل يوم إلى مخاطر شديدة على صحتهم وسلامتهم!
كان الاعتقاد السائد قبل حوالي العام منذ الآن أن الإحصائيات رصدت حوالي أربعين ألف طفل ينتسبون إلى عمالة الأطفال إلا أن الرقم وصل هذا العام إلى أكثر من خمسة وخمسين ألفا، مما يعني أن كل جهود المكافحة قد باءت بفشل ذريع تَوّجَهُ اعتراف رسمي بأن مختلف النشاطات التي تقوم بها الجهات ذات العلاقة منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم أي قبل نحو عشرين عاما متشابهة ومتكررة تتعرض إلى المشكلة ذاتها من دون إجراءات حقيقية توقف هذه الظاهرة المتنافية مع جميع مبادئ حقوق الإنسان ! .
إذا ما كان الأردن يهتم بآراء الجهات الدولية في بعض المجالات فهل يكفيه مثلا أن منظمة العمل الدولية قد عبرت عن قلقها مؤخرا على مشروع مكافحة عمل الأطفال، مؤكدة وجود أدلة على تراجع العملية في سوق العمل الأردني، مع أن هنالك مشروعا يسمى "نحو أردن خال من عمل الأطفال" لم يتم تطبيقه على الإطلاق لأنه يحتاج إلى تغيير جذري في السياسات المتبعة حاليا التي تعتمد على شعارات بعيدة عن أرض الواقع مما خلق هوة كبيرة بين ما تنادي به من مثاليات، وحقيقة ما يجري من امتهان للطفولة المعذبة في أشد حالاته ! .
ما يثير التساؤل في هذا الشأن أن مجلس الوزراء كان قد صادق على الإطار الوطني للحد من عمالة الأطفال خلال شهر آب من العام الماضي كوثيقة عمل وطنية تحدد المسؤوليات والأدوار للجهات المعنية كافة مع وضع آليات الاستجابة لها، وها هو قد مضى حوالي العام ونصف العام منذ ذلك الحين ولم يتم الالتزام بأي شيء لتبقى الأوضاع على ما هي عليه، في حين تتبادل الجهات الرسمية الأعذار عن عدم قدرتها على التعامل مع ظاهرة مقلقة بهذا الحجم الكبير ومنها وزارات العمل والتربية والتعليم والتنمية الاجتماعية ! .
مؤشرات الدراسات حول عمل الأطفال تدل على أن حوالي خمسة وسبعين بالمائة من الأحداث في دور الرعاية والتأهيل هم متسربون من المدارس وملتحقون بسوق العمل في مجالات عديدة معظمها في غاية الصعوبة والخطر عليهم في مثل هذا السن الغض، وأن هنالك رصدا لأكثر من سبعة وعشرين ألف حالة إساءة للطفولة، وأيضا ما يناهز ستة آلاف حدث في المحاكم، فإذا ما كانت الأمور قد وصلت إلى هذا الحد من التهاون في حقوق الطفل الأردني فمتى نقوم بواجبنا تجاهه.. السؤال جوابه معروف ولا يحتاج إلى أي براهين ! .