لا الف لا أيها المال السياسي ؟

لاالف لا أيها المال السياسي ويشير هذا النوع من أنواع التمويل السياسي إلى ممارسة طبقة أصحاب المال والأثرياء قدرًا من النفوذ المتزايد على صناعة القرار السياسي عبر تمويلهم لأحزاب سياسية وحملات انتخابية، قبل أن ينتقلوا مباشرة لممارسة السياسة عبر عضوية البرلمانات وتولى المناصب التنفيذية العليا مما يتيح لهم ليس التأثير على صناعة القرارات والسياسات فحسب، بل يتعدى ذلك إلى اقتراح القوانين وتفصيل التشريعات على مقاس مصالحهم فى مراكمة الأرباح وتعظيم مكاسبهم الاقتصادية عبر بوابة السياسة.

وإذا كان من المسلم به أن الأحزاب السياسية لها دورها المهم في بناء الديمقراطية، خصوصًا في الديمقراطيات الناشئة، باعتبارها مرتكزًا من مرتكزات تداول السلطة والتنشئة السياسية والتجنيد السياسي في النظم المعاصرة، فإن فاعلية تلك الأحزاب وبقاءها وقدرتها التنافسية على أداء وظاتئفها الديمقراطية مرهون بمدى ما تحوزه من قدرات مالية وتمويلية، بيد أن السواد الأعظم من المواطنين حول العالم يرون أن المال السياسي ومانحيه يثيرون من الإشكاليات ما يرونه مقوضًا للديمقراطية ذاتها لا خطرًا عليها فحسب.
ويعرف المال السياسي؛ بأنه "كافة الجوانب المتعلقة بتمويل الأحزاب السياسية ومرشحيها وإنفاقها للموارد في إطار الحملات الانتخابية والأوقات الأخرى غير أوقات الانتخابات"، وعلى الرغم من أهمية التمويل السياسي بالنسبة لبناء الديمقراطية وترسيخها، إلا أن هذا الموضوع يعد أحد الإشكاليات البحثية التي لم تحظ بمناقشات أكاديمية جادة تؤطر لهذه الظاهرة العالمية وتضع لها القواعد والنظريات المفسرة، بل إن معظم النظم السياسية حول العالم، حتى الديمقراطية منها، تعاني من ندرة المعلومات المتعلقة بالتمويل السياسي للأحزاب والمترشحين في الحملات الانتخابية.


ومن ثم فقد استتبع فقدان الشفافية فيما يتعلق بالتمويل السياسي حالة من الجدل العام تطفو بين الحين والآخر، لاسيما مع بروز فضائح التمويل لبعض السياسيين والأحزاب في دول عدة، الأمر الذي أفضى إلى ظهور منهاجيات متطرفة تنظر لأي تمويل سياسي بعين الريبة وتضعه في بداية تفسير أي ظاهرة سياسية حتى ولو كان ذلك بأسلوب سطحي وملتوٍ.


وتسعى هذه الورقة إلى بحث ظاهرة المال السياسي واستخداماته في الأنشطة الحزبية والحملات الانتخابية، والأطر القانونية المنظمة لقضية التمويل السياسي حول العالم في إطار مقارن، ومقتضيات الشفافية والمحاسبية المتعلقة بهذا الأمر، ثم تعرض الورقة للحالة من حيث القوانين المنظمة للتمويل السياسي، قبل أن تقدم حزمة من التوصيات التي يمكن اتباعها في لمجابهة سلبيات ظاهرة التمويل السياسي وفقًا للتجارب الدولية المتعلقة بهذا الشأن. الكاتب جهاد الزغول