بين الـ (نعم) , والـ (لا) تضيع الأمم


بلغة الامتحانات المدرسية وربما الجامعية , كنا بصراحة نتجلى على الأسئلة من نوع ضع كلمة (نعم) أو (لا) أمام كل عبارة من العبارات التالية , ولا أبالغ إن قلت أن المدرسين أيضا كانوا يتجلوا على وضع مثل هذه الأسئلة , ويبدو أن هذا التجلي بين الطرفين( الطلبة والمدرسين ) مبعثه طلب الراحة في الجهد ليس ألا , ثم أن طبيعة الراحة الناتجة عن الإجابة بــ (نعم) أو(لا) متأصلة في جينات العنصر العربي .
الإجابة بــ (نعم) أو(لا) تلغي الإبداع وتلغي الاستقصاء وتلغي الابتكار, وتلغي إيجاد البدائل , وتلغي ما بينهما من تطوير وتحسين وتعديل على الأفكار النظرية والعملية , الإجابة بــ (نعم) أو(لا) تعطل العقل وتعطل القلب , وتحرّم علينا استخدام باقي الحروف لكتابة الكلمات والجمل والعبارات , الإجابة بــ (نعم) أو(لا) تثبّت اللون الأبيض واللون الأسود وتلغي باقي الألوان .
بـ (نعم) أو(لا) وكما يقال بالمثل الشعبي ستقسّم العرب إلى عربين , حتى يصبح لدينا عرب (نعم) , وعرب (لا) , وعشيرة (نعم) , وعشيرة (لا) , وعائلة (نعم) , وعائلة (لا) , وربما فصيلة دم (نعم) وفصيلة دم (لا) , فتضيع الفكرة إن كان لدينا فكرة .
أقول بصراحة أمام مهزلة (نعم) أو(لا) يجب أن نثور, لان الدولة والعشيرة والعائلة والأسرة ستنقسم , لا بل سينقسم عقل الإنسان إلى نصف الـ نعم ونصغ الـ لا , ويصبح لدينا فعلا أنسانا مزدوج الشخصية , تاركة تخلفات عقلية لا قدر الله .
أسألكم بالله العظيم لماذا كل هذا الاستخفاف بالإنسان وعقله ؟ وأين سنذهب من قوله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} والإنسان هنا هو محور الخطاب القرآني ، فهو المخاطب الرئيس في القرآن ، والقرآن لأجله نزل، ولا عجب في ذلك ، فهو أكرم مخلوق على الله ، وقد فضله سبحانه على كثير ممن خلق ، فما هي دلالة هذه الآية الكريمة ؟