كُنت أحسبُ أن الدكتور مرسي بمثابة الأب!


عندما خلق الله البشر، فإنه سبحانه وتعالى خلقهم أحراراً، يملكون الحياة بإرادتهم دون عبث، ولو أن الناس أوجيزت وعرفت وفهمت أن الحرية هي الديموقراطية بمعنى أن تبدي رأيك بصراحة تامة دون تجريح للأخرين، ودون عبث بمعنى كلمة ديموقراطية، إن الحياة وجدت كي نتعامل مع بعضنا البعض بكل أمانة وإخلاص، وكلاً على طريقته التي أنشأ عليها من قبل عائلته، أي بمعنى ما تربى عليه الشخص من عادات ومعتقدات سليمة تفيده وتفيد وطنه وتعلو بشأن بلاده.

بكل صراحة وأمانة ومصداقية، إن وطني الحبيب يعيش أصعب أيامه، ولو صح التعبير لم يعشها من قبل.

يعيش الوطن الانقسامات والأطروحات، والتهديدات، وعلى وشك إنعدام الأخلاق مع الاحترام لكل أطياف الشعب.

إن ما جرى في الفترة الماضية كنت أحسب أن رئيس الجمهورية الجديد، سوف ينهض بالوطن ويعلو بشأنه وأن يكون بمثابة الأب لكل طوائف الشعب بجميع أجناسه وأطيافه.

وكان لابد أن يعي ذلك الرئيس، عندما يلتقي بفئة معينة يجب عليه الإلتقاء بالأخرى.

لكن للأسف ما أظهره الرئيس لطوائف الشعب كان عكس ما قد يظنه البعض، فكل الشعب المصري كان ينظر إليه على أنه أب لكل المصريين.

أعلم جيداً أن الرئيس لابد أن يُنتقد وأيضاً قد يُمدح. لكن يُمدح من طرف ضد طرف، فكان عليه أن يقف المديح لنفسه، وأن يعطي هو المديح للشعب كله.

للأسف إني لا أحب أن انتقد أحداً، ولا أجبر أحداً على شيئاً قد يرغب أو لا يرغب فيه.

لكن أصبح الآن والوضع الحالي لبلدنا الحبيب يريد رئيس أبوي يحمي ويحتوي كل الطوائف، يحب ويتحب.

ودعني أبلغك يا رئيس الجمهورية هل تعدل وتحكم بين أولادك فلذة كبدك بالعدل، فإذا كنت كذلك. فما بالك بأولاد الوطن الواحد الأحرار.

يا رئيس الجمهورية، أن الشعب يريد منك الاحتضان، بل ماهي خطتك للنهوض بالوطن؟، لكن للأسف الشديد، لم تعطي أو توضح أفكار حتى لمشكلة صغيرة مثل التي نعاني منها (القمامة، رغيف العيش، اسطوانة الغاز، العشوائيات، الفقراء والمساكين... إلخ).

أعلم أن مشاكل الوطن كثيرة، ومنها ما هي صغيرة وكبيرة، لكنك لم تقم حتى ولو بطرح كيفية حل أي مشكلة، وكلها والله مشاكل يمكن حلها الواحدة تلو الأخرى في أقصر وقت ممكن بما تتيح به الفرص والامكانيات للوطن.

لكن، معذرة، لم تهتم بأي واحدة من هذه المشاكل. وثلاثة أو أربع أشهر كانت كافية بحل ولو مشكلة واحدة ممن تؤرق الشعب المصري بأكمله.

عذراً يا رئيس مصر، لقد أنخضع الشعب بأكمله في هذه المدة.

عذراً يا رئيس مصر، ما هي المشكلة في أن ترضي جميع الأطياف والفئات من الشعب، كانت هناك كلمة صغيرة وتحل بها مشكلة الإعلان الدستوري، بالإضافة للدستور، طالما أن هذه القرارات سوف تفرق الشعب. وهذا لم يحصل ويحدث على مر التاريخ. لكن التشبث بالرأي والتعنت بالقرارات قد يفرق الشعب وطوائفه. لماذا لم أعرف؟

هل التراجع عيب.. لا .. بالعكس، فهو يرفع من مكانة وشأن الأشخاص ويعلو بقامتهم وكرامتهم. وينال من حب الاخرين له.

يا رئيس مصر.. لقد فرض عليِّ الموقف أن أكتب.. ولابد من الكتابة بكل إخلاص وأمانة تجاه كل مصري شريف عفيف يحب ويحتمي بهذا الوطن المعطاء.

ولعل الكتابة قد تجد حلاً لمشاكلنا، ولعل أفكارنا تهدينا لحل مشاكلنا. ليتنا نعيش كي نحب وطننا بإخلاص وتفاني.

يا رئيس مصر.. إن الوطن في أشد الحاجه الماسة أن ينهض، ولكن ينهض بك كأب حقيقي يحتضن كل فرد يعيش عليه. لابد عليك أن تحوي الشعب ولو بكلمة صغيرة، ولكن معناها عند الشعب كبيرة وترفع من شأنك.

يا رئيس مصر.. أناشدك بحياة كل أم وأب. أناشدك بكل طفل يتيم. بكل فقير ومسكين. بكل عجوز. بكل شيخ. بكل إمرأة تعول أولادها اليتم. بكل جريح وشهيد. وفوق كل ذلك أناشدك بالله أن ترجع لصوابك. وأن تكفي البلد ما هي فيه.

لم يحدث في تاريخ مصر أن الشعب انشق إلى نصفين.

يقول الله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، وَلْتَكُنْ مِنْكُم أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾

يقول الإمام الشافعي (ارضاء الناس أمر لا سبيل اليه, ولذلك فعليك بما ينفعك فالزمه).

إن مصر.. لم ولن تقع أبداً.. أبداً.. إن بلادنا حارسها وحاميها رب العزة. فمهما يحدث على أرضها، لن ولن تهتز أبداً.

أناشدك يا رئيس مصر.. أن تلم شمل البلد وأن تبدي فيها كل آمال وطموحات حتى تعود مصر لخريطة العالم. بل أن تعبر بشعبك عما يعانيه من فقر وضياع. ولابد عليك أن تبدأ بالنظر في هؤلاء المهمشين في بلادنا الحبيبة مصر.

أناشدك يا رئيس مصر.. أن الله سوف يسألك عن كل ما يجري.. وهل حكمت وعدلت؟

يا رئيس مصر.. المناصب لا ترحل، لكننا راحلون بلا شك.

حماك الله يا مصر أنت وشعبك وجعلكم في رابط إلى يوم الدين.