حكومة السوق المركزية
اقتصاد وطني بلا مردود يذكر من موارد طبيعية، لا يعني تحويل البلد الى متسول تارة ومتغولة على ناسها في اخرى، واعتماد نهج الشحدة والعصا الغليظة منذ ازيد من عقد يقود الدولة اكثر فأكثر الى ما بعد الافلاس الذي يحول اي شيء الى وكر يمكن ان يمارس فيه اي امر، برضى او بدونه، وجبرا وقسرا، وبتبريرات لا تختلف عن جارية مشردة تربي وتعيل اطفال الحرام بالحرام وهي محل شفقة.
ادارة الدولة غائبة تماما عن استنباط اي حل يعافي الاقتصاد الوطني، ولو ان هناك فريقا اقتصاديا حقا في الحكومات المتعاقبة بعضها فوق بعض، وبالعراء لكثرة ما تكشف عن عوراتها لاستطاع التمكن من ايجاد الحدود الدنيا من التوازن، غير ان هذه الفرق المتعاقبة دمرت اكثر بكثير مما شيدت، وافلح منها الدلالين بالحسبة، والا ما معنى استمرار تصاعد الاقتراض وارتفاع المديونية الى ارقام فلكية وذلك خلال السنوات العشر الماضية فقط؟
الهواة من الاقتصاديين الاردنيين يدركون امكانيات الدولة المتاحة التي من شأنها ان تكون علاجا معقولا يخلص البلد من ورطاته المالية، ويكفي لهؤلاء العلم بوجود اكثر من ثلاثين جامعة حكومية خاصة تستقطب آلاف الطلبة العرب الذين يدخلون مليارات الدولارات سنويا للسوق الوطنية لا يتم احتسابها كما ينبغي لتسجل كموارد، وللعلم فقط، هناك اكثر من ستين ألف طالب سعودي بالجامعات الاردنية منحة الواحد منهم 2000 دولار شهريا، غير رسم الدراسة، وحسبة هذا الرقم السنوية تصل حدود المليارين، ومع اضافة حسبة باقي طلبة دول الخليج فقط فإن الرقم يصل الى اضعاف مضاعفة، وهذا كله لم يكن يوما على جداول اي فريق اقتصادي. ومثل حال قطاع التعليم قطاع الصحة، واذا ما علمنا ان الاردن الاول عربيا في السياحة العلاجية، والخامس عالميا، فيمكن تخيل ما قد تصل اليه ارقام الدخل من هذا القطاع ايضا.
اما الاكثر اثارة من هذه الارقام فكيفية التعامل معها، فقد تم الاعتداء على الطلبة السعوديين في جامعة مؤتة بشكل سافر، وهؤلاء اشتكوا الامر لبلادهم وهي بصدد اجراء، والأمر نفسه وقع لباقي طلبة الخليج، وقد اتخذت سلطنة عمان بعدم ارسال طلبة جدد للاردن وليس معلوما ان كان هناك من سيتبعها. في حين ان حال السياحة العلاجية رهن بسماسرة المرضى، وبات بإمكان مستثمر واحد ان يشتري القطاع بالكامل والحكومة بغفلة تامة.
مشكلة الاردني في عدم وجود من يمثله والانتخابات الموعودة ستكرسها اكثر، وكل الحكومات لا تقترب من اي هدف لتبتعد عن الخطأ، وجل من في السلطات يختفون خلف عائلاتهم وعباءة الحكم والاستقواء بالامني، اما كارثته ومصيبته الكبرى فإنها بشعاره الخفي الذي يرفعه لنفسه ويقول كيف أنجو وليس كيف ننجو!