ماذا أراد بالضبط جلالة الملك من سؤاله (من هو الأردني) ؟

الدكتور : رشيد عباس

اعتبر الكثيرون (وأنا أولهم) أن الرسالة الملكية جاءت هذه المرة قوية , لا بل من أقوى قنوات الاتصال والتواصل في هذا الزمن الربيعي , جاءت قصيرة وواضحة ومباشرة , لم تحتاج إلى قواميس ومعاجم لتفسير حيثياتها , هذه الرسالة انسحبت على الجميع , انسحبت على الحاضر والغائب , انسحبت على كل الضمائر , خاطبت كل الأفعال وبالذات المستقبل , كيف لا وقد جاءت بــــــ من هو الأردني ؟ , وليس من أين هو الأردني ؟

حملت رسالة الملك سؤالا بليغا عريضا , شكل عصفا ذهنيا , غير مذيلا , سؤالا لا يحتمل تأجيل الإجابة ولا حتى تأخيرها , ولا يحتمل هذا السؤال حضور الغائب , سؤالا أجاب فيه السائل , سؤال (من هو الأردني) ؟

ونقول هنا ماذا أراد بالضبط الملك من طرحه (من هو الأردني) ؟ بكل صراحة أراد جلالته أن يحدد من هو الأردني الحقيقي , من هو الأردني المعاصر , والمنتمي , من هو الأردني الذي يعرف حدوده وحدود الوطن , أراد جلالته أن يؤكد أننا مع من هو الأردني وليس من أين هو الأردني , وأن الأردني الحقيقي هو الذي يقدر أن المصلحة العامة للوطن اكبر من المصلحة الخاصة الضيقة للفرد , وأن الأردني الحقيقي هو الذي يقف دائما لجانب الوطن في سراءه وضراءه , أراد جلالته أن يؤكد أن الأردني الحقيقي هو المنتمي للوطن قولا وفعلا , وأن الأردني الحقيقي هو ثروة حقيقية للوطن لا تنضب , أراد جلالته أن يؤكد أن الأردني الحقيقي يعترف أن قطار الإصلاح الشامل قد انطلق فعلا , وأن قرارات تعقيم بيئات الفساد قد سرت , وأن الأردني الحقيقي هو الذي يصنع من صناديق الاقتراع الرموز الوطنية العملاقة القادرة على اتخاذ القرارات السليمة وتبريرها .

سؤال(من هو الأردني) , سيضع الوطن في الطريق الصحيح , هذا السؤال سيحارب الفساد , وسيقتل الواسطة والمحسوبية , هذا السؤال سيغلق الطرق الملتوية , السؤال (من هو الأردني) سيلغي إشارات الاستفهام وعلامات التعجب , بهذا السؤال سنحقق العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص , بهذا السؤال سنقول نعم للقرار السليم , ولا للقرار الخاطئ , بهذا السؤال سنحمي الوطن , ونبني مستقبل الأجيال القادمة , بـــــ(من هو الأردني) سيكبر الوطن كل الوطن .