لماذا يتقدمون ونحن نتخلف ؟؟؟؟



في بلادنا كلما ارتقى الإنسان علما وفكرا وتميزا وإبداع كلما ازدادا إهمالا وفقرا وتهميشا واستبعادا عن تحمل المسؤولية والمشاركة في بناء الوطن والعمل في مواقع متقدمة وفقا لتأهيله الأكاديمي وخبرته العملية إلا إذا كان محسوبا على جغرافية عشائرية قوية أو شللية متجذرة في مركز القرار أو مسؤول ذو نفوذ طاغ

هذا الواقع المشمئز والغبن الواسع للمواطنين وعدم تطبيق معايير العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرض جعل الكثير من الشباب يهجرون الوطن إلى ديار الاغتراب نحو العالم المتقدم في أمريكيا وأوروبا التي تكون الغلبة فيهما والأسس في التعامل المهني والوظيفي والإنساني للفكر والعلم والقدرة على الخدمة والعطاء بصرف النظر عن المحسوبية والواسطة والرافعة العشائرية وبذلك يفقد الوطن خيرة أبنائه في ارفع الدرجات وأندر التخصصات في المهن التي يحتاجها الوطن وتخدم مسيرته وأبنائه

هنالك في الدول المتقدمة أنظمة وقوانين يحترمها الجميع إضافة إلى وجود العديد من المؤسسات الرقابية الرسمية والأهلية والتشريعية والقضاء المستقل بكل معنى ومضمون للكلمة تعمل أجهزة الدولة لديهم بكل جدية والتزام ودون تمييز أو رضوخ للضغوط والابتزاز والتهديد

الدولة لديهم راعية لجميع الحقوق والالتزامات القانونية والمدنية والإنسانية وليست جابية
للضرائب والأتوات ودورها الأساس تقديم الضمانات اللازمة للعيش الكريم لجميع رعاياها والمقيمين فوق أرضها

عندنا الهرم مقلوب والصورة معكوسة فالواسطة والمحسوبية والرشاوى ليس بالمال فقط هي السبيل الوحيد لتولي المناصب والوصول إلى الدرجات العليا والوظيفة العامة عندنا مرهونة بالولاءات والشللية والعصابات وليس الكفاءات والشهادات وتقييم العمل والانجاز عندنا تحكمه الوشايات والتقارير السرية التي تقوم على قاعدة الانتقام والإقصاء وتصفية الحسابات وأكثر الإحالات على التقاعد عندنا تشبه عملية الإعدام لأفراد أو جماعات لا تجيدون النفاق ولا يعرفون الرياء وغالبا ما تحكمها المزاجية والانتقائية في جميع الوزارات والدوائر والمؤسسات يسقط ضحيتها الشرفاء والمخلصين وأصحاب السجلات العطرة في الأمانة والعطاء عندنا لا يوجد محاسبة ولا رقابة إلا وفق ما تقتضيه الشكليات والبروتوكولات ومن يجر إلى المحاكم ويطبق علية القانون من ليس له سندا عشائريا يغلق الطرقات ويحرق الإطارات ليعيق العدالة ويخيف الدولة من التبعيات

المساءلة وخلاصات الإحكام عندنا لمعظم من سرقوا الوطن ونهبوا أرضه وثرواته وإنسانه كانت عدم المسؤولية ولولا الخجل من بقايا الشعب وحراكات الشارع لأعلنوها لهم براءة ناصعة كسحاب السماء بحجة عدم توفر الأدلة ونقصان البينان هكذا تربي الفاسدين في بلادنا على ضمان الحماية والمكانة لما بعد استثمار الوظيفة والاعتداء على المال العام بالنهب والسرقات

الشعب عندنا لا يحاسب ممثليه الذين يمثلون عليه ويدعون العفة والأمانة وأكثرهم متهم بها دون دليل وفي يوم الاقتراع نختار نفس الوجوه لحاجة مادية أو غباء أو لتبعية قبلية عمياء ليعودا يبحثوا عن منافعهم ومصالحهم مع الحكومات ويتركوا للمواطن فتات الخطابات والتكتلات والاجتماعات يلتحف بها في برد قارص حتى الممات

الناس لدينا يفتقرون الى الثقافة الديمقراطية ولديهم شك مطلق في كل الانتخابات لكثرة التزوير والتدليس من قلبل المسوؤلين على الناس بشعارات مكررة كالنزاهة والشفافية وبناء الوطن ومحاربة المتربصين وحسن النيات وهم في الباطن ألد الخصام وأشد الأعداء ونحن تحكم حياتنا المنافع والمصالح والعصبيات في كل أسبوع لدينا شجار عشائري مسلح وعنف جامعي دامي وقتل هنا وهناك بلا رحمة ولا رادع من دين أو خلق

معظم أحزابنا لا ثقة فيها ولا دور لها وهي كالشاة الجر باء بين القطيع الكل يهرب منها لا مؤسسية فيها وغير قادرة على المنافسة وتحقيق أي من البرامج التي جميعها تتشابه في الطرح والمبادئ والمقررات ولا يوجد لدينا أحزاب فاعلة تساعد على نشر الممارسة الحزبية السليمة وأكثرها مشرذمة ومفلسة وتختصر في كثير من الأحيان بشخص واحد تدين له بالبقاء والتمويل والشهرة أو مجموعة قليلة تساند رئيس الحزب لتلاقي المصالح والغايات وباقي الأعضاء مجرد أعداد لا رأي لهم ولا تأثير

الكثير من وزارتنا وإداراتنا ومؤسساتنا العامة نخرها الفساد حتى العظم بكل أنواعه وأشكاله وأصبحت ملكا لأشخاص وليس للوطن يعيثون فيها خرابا وينقلون كل خيراتها وموجوداتها لمصالحهم ومحاسيبهم

عندنا إدمان موروث على صفات النفاق والرياء والكذب لا ترانا السلطة دونها مواطنين صالحين لنا السبق وكثير من المسؤولين يطربون لها ويحبون من يمارسها ويعلون شأنه عل حساب الوطن ومصالح المواطنين الخيريين الذين يعطون ويخدمون بصمت وإباء

بلدياتنا عاجزة عن تقديم الخدمات العامة ورؤساء لجانها في العسل غارقون مخدرون يالمياومات والكماليات من مكاتب وسيارات شوارعنا محفرة ومطباتنا عناوين لبيوتنا والقمامة جبال من حولنا تستقطب الأوبئة من كل الجهات

غرفنا التجارية والصناعية لا تعرف هموم ومشاكل المنتسبين لها مشغولة بالاحتفالات والمهرجانات والتبرعات والتعيينات نقود سيارتنا بدون ذوق أو فن أو أخلاق وجامعاتنا تخرج أفواج العاطلين وأنصاف المتعلمين وأشباه المثقفين

أولادنا السباقون في تدمير الحدائق أن وجدت وتمزيق مقاعد الباصات وتكسير نوافذ المدارس و تجارنا الأكثر جشعا واستغلالا للفقراء والاعتداء على الشوارع والأرصفة بلا خوف ولا حياء

نحن المواطنين " أهل الهمة أبناء كلنا الأردن " الذين يستأ سد علينا موظف بسيط من خلف الكاونتر أو الطاولة بكلام فج وتصرف سوقي متسلحا بوظيفته العامة ونحن ربما الوحيدين في العالم الذين يسألهم القاضي في المحكمة عن بلدك فتجيبه الأردن أو اربد أو الكرك أو السلط فيقول لك بلدك الأصل حتى يوجه سهامه نحوك بعنصرية الجغرافيا النتنة وأمريكيا العظمى شعبها من كل شتات الأرض ولا يسأل فيها المواطن عن أصله وفصله وتابعيته ويحكمها رجل اسود من أصول افريقية يجد المهابة والاحترام ونحن نتكبر ونغتر ونتفاخر عنجهية وعصبية ونميز بين بعضنا البعض بأسم العشيرة والمحافظة والبلدة

عندنا تصرف المعونة الوطنية بالواسطة وللعاملين المحتالين وأحيانا كثيرة لغيرا لمستحقين والفقراء المعدمين يصطفون على أبواب المساجد والمحسنين والشركات يصرخون ألما لله يا وطن

عندنا لا تجبى سجلات ديون الخزينة العامة بواسطة القانون والأمن ألا من البسطاء وهي ديون معدومة على المتنفذين وأبناء الذوات مهما بلغ بلغت الأرقام وانقطع الرجاء بالسداد

عندنا البعض يخجل ويتوارى عن الأنظار وهو يحمل " العلم الأردني " في أي مسيرة أو مناسبة وطنية في حين يضع على صدره شارة أو وسام لجهة لا يعرفها أو يرتدي ملابس أجنبية كثرت عليها الخربشات

عندنا نحتاج إلى شرطي مرور عند كل إشارة وسيارة ومحطة وقود ومخبز وفي وزاراتنا ومؤسساتنا يكون قرار الإحالة على الاستيداع وسيلة للانتقام وإقصاء القيادات المنافسة والمؤهلة وفي مجالسنا البرلمانية يتخلف النواب عن الجلسات لإفشال النصاب وإسقاط قوانين تهم حياة الناس وعندنا فقط يقايضون النواب الثقة بالحكومة بالمكاسب والتعيينات وربما نحن الوحيدين مرة اخرى بين كافة الشعوب الذين لا نبني لبنة فوق ما سبق وكل مسؤول يأتي يعيد الخطط ويهدم البناء ويهدر ويبذر أموال الشعب وهكذا نعيش في حلقة مفرعة في وطن يتجاذب خيراته اللصوص والمنتفعين ويحمي أرضه الفقراء والشرفاء فإلى متى

أبعد كل هذا هل يمكن ان نتقدم 000 نعم إذا جئنا بمسوؤلين من تلك الدول لديهم الضمير والأمانة ومحبة الوطن يتولون أمورنا وربما لا يقدرون ونعجزهم بما تربينا واعتدنا عليه من أخطاء وعنجهية ع ألفاضي وع المليان



mahdmublat@gmail.com