مصر الحضارة والتاريخ .. لن تتسحر يا مرسي

عبد الهادي الراجح

يحاول محمد مرسي رئيس جمهورية مصر الإشكالي وحزبه الحرية والعدالة ( الأخوان المسلمين ) وهو اسم أبعد ما يكون عن المضمون تصوير الاحتجاجات الشعبية على سياسة الإقصاء والإرهاب المتمثلة بدستوره الجديد الذي صاغه الأخوان المسلمين وحلفائهم من المنتفعين ورفضه كل الشعب المصري وطلائعه الحية من القوى الوطنية والسلطة القضائية والإعلامية والأزهر الشريف والكنيسة والاحتجاجات التي حاصرت قصر الاتحادية الذي اختبأ بداخله مرسي وأجبر أن يخرج من الباب الخلفي للقصر كالجرذ المذعور تحت حماية الحرس الجمهوري والمأساة إنه بعد سقوط عدد من الشهداء لا يزال مرسي الذي هو ليس صاحب القرار والسلطات التي يطالب بها ولكنها توجيهات مرشده العام ومكتب الإرشاد كما يسمونه لأجل الإمساك بالدولة المصرية على طريقة كامب ديفيد البائد السادات مبارك ، ناسياً أن الشعب المصري الذي ثار على الدكتاتورية وسياسة الإقصاء لن يسمح بولادة دكتاتور آخر تحت أي مسمى كان وأن مصر الحضارة والتاريخ ستبقى عصية على المرشد وزمرته التي يأتمر بها مرسي .

والتيار الإسلام السياسي في مصر وأتباعه في الوطن العربي يحاولون اليوم بعد وصولهم الإشكالي للسلطة إقصاء وتشويه كل رمز وطني وقومي محترم قد يشكل بديلاً لهم في المستقبل خاصة في الانتخابات الرئاسية ورأينا حملات التشويه الظالمة من قبل تجار الدين للمرشح الناصري البارز حمدين صباحي الذي استطاع وبأقل الإمكانيات أن يثبت نفسه في الانتخابات الرئاسية السابقة وقبل الحالة الثورية والمخاض التي تمر به مصر اليوم هناك حملة تشويه ظالمة كما أسلفت على هذا القائد وصلت لحد لا يقبله منطق ولا عقل بشري سليم لأن مرسي ومكتب إرشاده يعلم بأنه لولا الأموال الطائلة التي دفعت من أمريكا والخليج المحتل ما وصل مرسي لمركز الرئاسة ولأنه يعلم ذلك لم يتعامل مع الشعب المصري بأنه رئيس لكل المصريين ولكن تعامل معهم بأنه رئيساً لجماعة محظورة مع أنني لست من المؤيدين لهذه المقولة كون الأخوان المسلمين موجودون على الساحة المصرية وبقوة منذ انفتاح المقبور أنور السادات على الوهابية الصحراوية في الجزيرة العربية ، حيث عرفت مصر لأول مرة ثقافة الخيم السوداء المتحركة القادمة من الجزيرة العربية والمتوارثة قبل الإسلام الحنيف ، حيث لم يأتي مجلس أمة في تاريخ مصر منذ حرب اكتوبر المغدورة إلا وكان الأخوان المسلمين متواجدين به وأقاموا شرعيتهم على حساب النظام الغبي المنهار الذي أراد الاحتفاظ بهم ليكونوا بعبع لأجل إخافة الغرب ولا يعلم أن تأسيسهم قبل ثمانون عاماً جاء بموافقة بريطانيا التي غظت النظر على نشاطاتهم لكي تتذرع بحماية الأقليات كلما لزم الأمر .

وأمريكا اليوم تسير على نفس النهج البريطاني الاستعماري ، ودفع النظام السابق ثمن غباءه واستهانته بمصر وشعبها العظيم عندما أغرته العلاقة مع أمريكا وجعلته يفكّر أن يوّرث ابنه الحكم وكأن الشعب المصري تركةً أو عقاراً وعندما انتهت صلاحياته رفعت أمريكا الغطاء عنه وسقط وانهار وجاء الأخوان المسلمين وهم القوة الأكثر تنظيماً في مصر والأقدر مادياً وقد نقل البعض منهم ولائه من حزب السادات مبارك إلى حزب الحرية والعدالة الذي أصبح رزقه أوسع وهذه الاحتجاجات الثورية اليوم في الشارع المصري هي الوجه الناصع لمصر الثورة والحضارة والتاريخ وقادة هذا الحراك هم رموز مصر الذي يجري الإساءة إليهم والتطاول عليهم من صبيان مرسي ومرشده العام وعلى رأس هؤلاء القائد الناصري حمدين صباحي الذي كان هو ورفاقه قد صوتوا في انتخابات الإعادة الرئاسية لصالح مرسي عندما كانت المعادلة ما بين السيء والأسوأ معتقدين إن وقار المسؤولية لبلد بحجم مصر سيجعل من مرسي الذي جاء بعد ثورة شعبية لم يشارك به هو ولا تنظيمه إلا مؤخراً وقد جاءت به رئيساً لكل المصريين كما يجب أن يكون ، ولكنه بدأ عهده بتصفية الحسابات الضيقة مع الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر الذي لولا سياسته التي تهكم عليها الواد مرسي بقوله الستينات وما أدراك ما الستينات ،،، لولا تلك السياسة لكان مرسي ومن هم على شاكلته مجرد بلطجي صغير تابع لأحد البشاوات وليس أستاذ جامعي محترم ولذلك وأمام العناد والغباء السياسي الذي يبديه مرسي وكما يبدوا لن يقوده إلا نزيلاً بجانب حسني مبارك وأبناءه ولكن نتمنى عليه أن يعلم أن مصر كبيرة عليه وعلى مرشده ونتمنى وحقناً للدماء تراجعه عن مسودة دستوره وبالتالي التصرف بمسؤولية في بلد حضاري محترم عمره يزيد عن السبعة ألاف عام ، وهذا البلد لن يقبل أبناءه وبناته الأحرار أن يكونوا إحدى ولايات أمير المؤمنين سواء في تركيا التي تبحث عن دور أو الجزيرة العربية التي أصبحت خارج العصر ومصر ستبقى هي قلب الأمة النابض وعنوان حضارتها الإنسانية التي نعتز بها وعلى مرسي اليوم الاختيار ما بين إما أن يكون رئيساً لكل المصريين وإما أن يكون تابعاً وهو كذلك لسيده المرشد ومكتب الإرهاب الذي يسمونه الإرشاد ولا عزاء للصامتين .


alrajeh66@yahoo.com