الحكومة وتلميع حزب الوسط الاسلامي



اعتقد ان اصطلاح مفهوم الوسطية والاعتدال هو مفهوم تم اشهاره والمناداة به مؤخرا علما بأن الاسلام هو من ينادي بالوسطية ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أشار الى ذلك في عديد من المواقف لذلك لا يجوز لأي جهة كانت حزبا او غير ذلك ان يسوق نفسه باستخدام هذه المفاهيم وكأن الاحزاب الاسلامية الاخرى احزابا متشددة او مقصرة وهذا فيه اقصاء لبعض الاسلاميين الفاعلين وأود ان أشير هنا ان مقاطعة الاخوان المسلمين للانتخابات لا تعني بالضرورة انهم حزبا اسلاميا ليس وسطيا ومتشدداً بل على العكس كلنا يقر ويجزم بأن الاخوان المسلمين هم وسطيون وهم من وقف وقدم الدعم للنظام منذ الخمسينات وهم الذين يعملون مع الاجهزة الامنية منذ عشرات السنين ففي الوقت الذي كانت فيه بعض الاحزاب الاردنية الوطنية ممنوعة من الاعلان او مزاولة اي نشاط سياسي لها على الارض الاردنية كانت لافتات الاخوان المسلمين تنتشر في محافظات المملكة وبترخيص حكومي وأمني ولكن ظروف المنطقة مؤخرا حمست الاخوان المسلمون وجعلتهم يغيرون بعض الشيء في سياستهم من حيث المطالبة بتعديلات دستورية واصلاح قانون الانتخاب ولما لم تستجب الحكومة لهم أعلنوا عن مقاطعتهم للانتخابات مع العديد من الشرائح الاردنية الحزبية والحراكية والعشائرية وهذه وجهة نظر لهم جميعا يجب علينا ان نحترمها كحكومة وكشعب لذلك يتوجب على الحكومة هنا اذا كانت تدعي الشفافية والديمقراطية وتدعي انها لن تقوم بأي شكل من اشكال التزوير في الانتخابات القادمة أن تقف من جميع الاحزاب ومن جميع مكونات المجتمع الاردني على نفس المسافة وان لا تنحاز الى اي منهم وكما هو ظاهر الآن , فهاهي الحكومة تنحاز من جديد وتستكمل تلميعها لحزب الوسط الاسلامي والذي بدأت التحضير له منذ الانتخابات السابقة ظناً منها اي الحكومة ان دعم هذا الحزب من شأنه تعزيز النقص الاسلامي الحاصل على الساحة الاردنية الآن وبنفس الوقت يراد به اثارة الاخوان المسلمون ورسالة واضحة لهم ان البديل عنكم موجود لدى الحكومة في جميع الظروف ورسالة ايضا للعالم ان الاسلاميون يشاركون في الانتخابات القادمة.
اعتقد هنا ان هذا السلوك الحكومي لا يسير بالاتجاه الصحيح ولا أقصد هنا ان الاخوان المسلمون محقون في تصرفهم بل على العكس انا اقول هنا انه كان يجب على الاخوان المسلمون ان يخوضوا هذه الانتخابات بحلوها مرها ويحافظوا على بقائهم ضمن النسيج الوطني ويفوتوا الفرصة على مؤسسي الفساد الاردني والذين ما زالوا يعيثون في الارض فساداً لخلو الساحة الرسمية ممن يمكن ان يوقفهم عند حدهم ويخضعهم للمسائلة القانونية .
من هنا واذا كانت الحكومة تسعى لمصلحة الوطن فيجب عليها ان تعيد النظر في تعاملها مع الاخرين ويجب ايضا على الاخوة في حزب الوسط الاسلامي ان يعوا ان اقتراب الحكومة منهم لا يعني بالضرورة انهم الافضل على الساحة بل على العكس جاء هذا الاقتراب لأن الحكومة اجبرت عليه لخلو الساحة من الاسلاميين وان هذا الاقتراب لن يدوم طويلاً فغداً او بعد غد سيعود الاخوان المسلمون الى احضان الحكومة وكما في كل مرة وبالتالي يخرج هذا الحزب من نفس الباب الذي دخل منه ثانية , وان هذا المؤشر يعتبر خطير على الساحة السياسية الاردنية لأن الظاهر لنا جميعاً انه لم يعد هنالك أحد يلتفت او يهمه مصلحة الشعب والوطن لا من الحكومة ولا من الاحزاب الاسلامية إلا من رحم ربي فالكل يهرول خلف مصالحه الشخصية مستخدمين بذلك شتى الوسائل والجسور وهذه وثيقة زمزم وبدء انتشار حزب الوسط خير مثال على ذلك ولكنني اريد ان لا أطمئن جميع هؤلاء بما فيهم الحكومة والاحزاب ان الشعب الاردني اليوم مختلف تماما عن الشعب الاردني بالأمس ولن يكون جسراً يمر من فوقه أصحاب المنافع الشخصية وأبناء الحكومة واجهزتها واصحاب المال السياسي وسيقف لهم الشعب بالمرصاد ويبطل جميع مخططاتهم وستكون نتائج الانتخابات مفاجأة للجميع بما فيها الحكومة والتي تسعى لتحديد مخرجات الانتخابات من خلال تصرفاتها المعلنة والغير معلنة.
انني انصح الحكومة بأن تعيد النظر في اي تخطيط سري لها من شأنه اظهار جهة على حساب جهة أخرى وأن تكتفي بالمراقبة وتطبيق القانون وتحقق النزاهة والعدالة في جميع اجراءاتها لكي تحافظ على نسيج هذا الوطن وديمومته وبعكس ذلك فإن الصورة ستكون قاتمة لا سمح الله.
حمى الله الاردن وحمى شعبه وألهم احزابه لما فيه خير الوطن والشعب , انه نعم المولى ونعم النصير.
العميد المتقاعد
بسام روبين