"الحكمة الإخوانية المصرية" ..
* كانوا فرسان الثورة, وفرسان الميدان, فرسان بالنهار, ورهبان بالليل, كانوا حراس العقيدة, وحراس التحرير, وحراس البيوت في المدن والقرى, قدّموا أروع النماذج في التضحية والإيثار والفداء ... قدّموا الشهداء بالعشرات أيام ثورة 25 يناير, ولم يكن ذلك منّة, بل كان ثمنَ الحرية و الانعتاق والنهوض الجديد .
* وبعد الثورة ودخول البلاد في المرحلة الانتقالية, وحجم الانتخابات الكبيرة, قاد الإخوان العملية الانتخابية "الشعب والشورى" بكل اقتدار, وشكّلوا القوائم, وعقدوا التحالفات, وآثروا آخرين على أنفسهم في صدارة قوائمهم, حتى أن بعض المرشحين على قوائمهم قُدِّمت له التهاني والتبريكات قبل إخراج النتائج, لأن ذلك كان محسومًا, وحصّلوا أغلبية في مجلسيْ الشعب والشورى .
* وجاءت مرحلة انتخابات رئاسة الجمهورية, وأشاروا على عدد من الرموز المصرية الوازنة أن تترشح وتحظى بدعمهم, ولكن لم تحدث الاستجابة, واستشعر الإخوان خطر " الدولة العميقة " التي تسعى جاهدة لإنتاج نفسها, لذلك وبقراءة واعية للواقع واستشراف للمستقبل, اتّخذ الإخوان قرارًا قد يكون أخطر قرار اتخذته الجماعة, وهو أن يترشح أحد رموزها لرئاسة الجمهورية, وخاضوا المعركة الانتخابية بشرف واقتدار وتخطيط, ونظافة يد ولسان, وأظهروا النتيجة مباشرة كضربة استباقية لمحاصرة فلول الجبهة الأخرى, وكان الفوز حليف مرشحهم رغم عدم رضاهم عن أرقام النتيجة .
* ومنذ ذلك التاريخ والجماعة في مرمى النيران, من جهات كثيرة داخلية وخارجية, ومن قوى متجذّرة " معشعشة " في الفساد في المجتمع المصري, شعرت بأن الطاولة ستُقلب على رؤوسها, ولكن الإخوان ازدادوا تمسّكاً حول مشروعهم ورئيسهم المنتخب, فإما أن نكون أو لا نكون, هكذا أصبح الشعار بلسان الحال, وتعرّضوا للإشاعة والاتهام والتكويش, وأخونة الدولة, والعمالة لأمريكا، ولم تفتر الحملة الشعواء, بل ازدادت سعارًا ولهيبًا .
* أعتقد أن الإخوان عند كلمتهم, وعند مشروعهم, وسيقدمون الغالي والرخيص, والشهداء والدماء والأموال, والرجال والنساء, من أجل مصر وعروبتها, وإسلامها, ومستقبلها, وتخليصها من كل أرباب الشياطين إنسًا وجنًّا .. وليس غريباً أن نرى الإخوان اليوم وبعد أشهر من الثورة ما زالوا على نفس الحكمة والصبر والتحمل وكظم الغيظ من القريب والبعيد ... يُعتدى على مقرات حزب الحرية والعدالة, وتُحرق بالعشرات, ويُستشهد شبابهم, وتُحرق باصاتهم, ويُعتدى على نوابهم في محاولات اغتيال دنيئة, وتسخّر معظم وسائل الإعلام التابعة للنظام القديم, وتشنّ حربًا لا هوادة فيها على الرئيس المنتخب, على حركاته وسكناته, ومع ذلك يتواصون بالصبر والحق والتحمّل, من أجل مشروعهم الكبير, فالمستقبل لهم ولدعوتهم ولبرنامجهم, ولنا في سيرة رسول الله أسوة حسنة " صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة "
* نحن لا نيأس ولا نستسلم بل نزداد يقيناً, أن مشروع الحركة الإسلامية والتيار الإسلامي والصحوة الإسلامية في مصر وفي القلب منه الإخوان, هم الورّاث الحقيقيون, والبناة المخلصون لمستقبل مشرق في المنطقة بأسرها, وكل هذه المحاولات العرجاء لطمس الحقيقة لن تفلح, وستشرق شمس الإسلام والقوة والنهضة والنصر .
* إن المطلوب من كل دعاة الحق والعدالة والحرية, ونهضة الشعوب, وكرامة الأمم, أن يتضامنوا وبكل الوسائل المشروعة لنصرة إخوانهم هناك, وحمل قضيتهم ولتكن في قائمة الأولويات لتحرك كافة القوى الإسلامية والوطنية .. إن نصرة الشعب المصري واجب شرعي, وضرورة بشرية إنسانية، ورؤية استراتيجية لكي تنهض المنطقة في وجه المشروع اليهودي والأمريكي ،نعم إن النصر حليف الصابرين المرابطين على مبادئهم " وصدق الله و رسوله و ما زادهم إلا إيماناً و تسليماً " (الأحزاب ،22) .