حكاية ما قبل النوم

رائد شيكاخوا - خبير مالي

ارجو ان تسمحوا لي بأن اقص عليكم حكاية قرأتها قبل زمن باحد المواقع الاجنبية ، وخلاصتها ان هناك مريضين تشاركا غرفة واحدة باحد المستشفيات، وكانا طاعنان بالسن، اثقلهما المرض وكانا موقنان انهما على فراش الموت وان ما يفصلهما عن الموت هو بضعة ايام بعد ان امضيا ما يزيد عن الشهر او الشهرين بتلك الغرفة معا.

كان احدهما عاجزا تماما ومستلقي بالسرير ولايقوى سوى على تحريك يديه احيانا وبالكاد يتمكن من النطق بما يرغب به، والثاني كان احسن قليلا حيث كان يستطيع ان يسند نفسه ليجلس بالسرير لبعض الوقت مع كثير من الالم ، وكان سرير هذا الاخير مجاور للنافذة الوحيدة بالغرفة وكان بعد ان يتناولا وجبتي الافطار والغذاء، كان يجلس قليلا يتأمل الحديقة الخلابة من النافذة ويسرد ويشرح لزميله ما يراه من النافذة من مشاهد سارة للناظرين، ويصف له الحديقة ونوافير المياه التي بها وحركة الناس، حتى انهما مع مرور الوقت اصبحا يعرفا بالشكل بعض زوار الحديقة ويتابعان عاداتهم، فمنهم من كان يتناول وجبة خفيفة مع العصير كل صباح او بعد الظهر بالحديقة، ومنهم من اعتاد قراءة الصحيفة او كتابا ما على احد مقاعد الحديقة بشكل ثابت ودوري،،،، الخ من المشاهد الجميلة.

حتى ان المريض العاجز كليا اصبح بداخله يغار من زميله، ويتساءل لم ليس سريره هو الذي بقرب النافذة ولماذا لايتمكن هو من مشاهدة تلك المناظر الجميلة ووصل به الحال الى تمني الموت لزميله عله ينتقل الى قرب النافذة، وقد تهيأت له الفرصة لذلك حيث ساءت الحالة الصحية لزميله باحدى الليالي وحاول الوصول الى الجرس الا انه افلت من يديه وابتعد عنه، ومنعه شدة المه من ان ينادي الا بصوت خافت، وتظاهر زميله بالنوم لانه لايرغب بمساعدته ويريد ان يتخلص منه، حتى خفت الصوت وتوقف لابل توقف صوت انفاسه ايضا.

بالصباح حضرت الممرضة، وسرعان ما دبت الحركة بالغرفة وعجت بالممرضين والاطباء، وعلم ان زميله قد توفي وتم نقل جثمانه من الغرفة، وبعد عودة الممرضة الى الغرفة طلب منها المريض العاجز ان تنقل سريره قرب النافذة ان امكن، ولم تمانع بذلك وتم له ما يريد.

بعد مغادرة الممرضة للغرفة جاهد بكل ما تبقى لديه من قوة، وتارة يستند على يده وتارة على جنبه حتى تمكن من رفع رأسه وبعضا من كتفيه لينظر من النافذة ليتفاجأ بأن النافذة تطل على جدار لايبعد عنها سوى مترين ولايوجد هناك اي حديقة او اية مناظر طبيعية.

أليس من الافضل ان نحيا بعضا من الخيال الجميل بحياتنا على معرفة الحقيقة الجامدة المرة والمجردة احيانا، أليس من الافضل ان نقنع بما لدينا على ان نحسد الاخرين بما لديهم ونحن لانعرف مدى سعادتهم بما لديهم من عدمها؟