الفساد.. يحسم قضائيا

الفساد احد ابرز عناوين الاصلاح الذي تنادي به كافة القوى بلا استثناء ، فالكل يجمع على انه بات آفة تعصف بمنجزات الوطن وتهدد استقراره وتبعثر موارده المالية في اوجه غير صحيحة على الاطلاق.
برزت في السنوات الاخيرة جملة من القضايا التي كشفتها وسائل الاعلام وبعض الجهات الرسمية ، وبقيت تلك الملفات عالقة بين الاخذ والرد دون حسم ، وهنا لا نقصد الادانة ، انما انهاء الامر قانونيا وعدم تركه لحديث الشارع .
ملفات الفساد التي تحدث بها الشارع معروفة لا لبس فيها ، قد تكون صحيحية وقد تكون غير ذلك ، الامر متروك للقضاء للبت فيها ، لكن مازال الشارع يشكك في بعض السلوكيات الرسمية التي تهدر المال العام ولا تضبط الانفاق .
قضايا الكازينو و»شاهين» جرى ادارتهما من قبل مجلس النواب المنحل ، وعدم اغلاق تلك الملفات نهائيا في الشارع هو سبب عدم ثقة المواطن بتلك المؤسسة ، لذلك فان القضاء الاردني هو الذي يحسم انهاء الجدل رسميا حول تلك الملفات بعد ان باشر التحقيق فيهما وبدات تتلخص معالم القضية بشكل اوضح ، فسرعة الانجاز القضائي فيه اجابات شافية لا لبس فيها حول تلك الملفات الشائكة .
ملفات برنامج التحول الاقتصادي ورغم وجود تاكيدات من ديوان المحاسبة حول اتلاف بعض وثائق البرنامج الذي انفق ما يقارب 356 مليون دينار في ثلاث سنوت على مشاريع لم تحقق انجازا فعليا على صعيد محاربة الفقر والبطالة ، دون تحرك رسمي يفتح الباب على مصراعية لمزيد من احاديث الشارع الذي قد تتوسع مخيلته الى اكثر من ذلك .
صفقة نادي باريس ، وهنا ليس المقصود شراء الديون ، فهذا امر مفيد للاقتصاد الوطني الذي خفض المديونيه الخارجية سنة 2008 بنسبة 32بالمائة ، انما المقصود فيها هو التحقيق في الاسباب التي جرت بعد الصفقة والتي دفعت الحكومات الى الاقتراض الخارجي والداخلي بشكل غير مسبوق ، الامر الذي ضاعف من الدين العام أضعاف ما كان عليه قبل الصفقة، فهذا الامر بحاجة الى اجابات شافية وواضحة.
ليس المقصود في مكافحة الفساد فقط القضايا التي ظهرت ويطالب بها المجتمع ، وانما ايضا محاكمة من تسبب بهدر المال العام ، واساء استعمال السلطة ووظفها بشكل غير سليم او صحيح ، وتسبب بظلم وهدر واجحاف ..كلها اشكال من الفساد يجب على الدولة عدم التهاون مع معطياته وتداعياته.
حتى فساد القطاع الخاص الذي تركز عليه مؤسسات الدولة اليوم لا يمكن ان يتم محاكمته دون مشاركة القطاع العام فيه ، فكيف نفسر تلك الصفقات التي حدثت في الشركات المساهمة منذ سنوات ، علما ان مسؤولي مراقبة الشركات وهيئة الاوراق المالية حضروا جميع الهيئات العامة العادية وغير العادية للشركات وصادقوا ميزانياتها وتقاريرها السنوية ، فاذا ما اتهم اعضاء مجلس ادارة بجرم معين فان ذلك يجب ان يطبق على من اشترك معه في الرقابة الرسمية ، والا لفهم من ذلك ان موظفي الدولة محصنون من اية مساءلة .
مكافحة الفساد لا يمكن ان تتم بالفزعة ، او حتى تحت وطأة ضغط الراي العام ، وانما تتم بنهج رسمي مستدام يتواصل في كافة الظروف والازمنة ، يتعزز بوقائع تحدث على ارض الواقع فعلا لا قولا.