"سامية" مسنة تموت مجهولة في دور الرعاية
13 عاما أمضتها العجوز "سامية" في دور رعاية المسنين، مجهولة الاسم والهوية، لتقضي نحبها الأسبوع الماضي، دون ان يتعرف عليها أحد من أفراد أسرتها.
موت الغريب كانت نهاية المسنة، التي أمضت 13 عاما في بيت للمسنين "مقطوعة من شجرة"، وهي وفاة تفتح الباب لطرح قضية عشرات المسنين المتشردين، على هامش المجتمع.
"سامية"، اسم مستعار، لسيدة طاعنة في السن، دخلت دور الرعاية الاجتماعية العام 1999 بعد أن تم ضبطتها كمتسولة في أحد شوارع عمان، ولم يتمكن حينها العاملون في وزارة التنمية الاجتماعية من التأكد من هويتها، إذ لم تكن قادرة على إعطاء اسمها الحقيقي ولا مكان سكناها.
أمضت السيدة المجهولة فترة من الزمن في أحد مراكز المتسولين، التابعة للوزارة، ليتم تحويلها لاحقا إلى دار متخصصة بالعناية بكبار السن على نفقة الوزارة.
يقول الناطق باسم الوزارة الدكتور فواز الرطروط "منذ دخول السيدة المسنة مؤسسات الوزارة لم يراجع أحد بشأنها، كما تعذر الحصول على اسمها وهويتها الحقيقية أو حتى مكان سكنها وعمرها".
ويتابع "توفيت المسنة وفاة طبيعية، نتيجة لأمراض الشيخوخة، الأمر الذي تطلب وضع إعلان في الصحف، للتعرف عليها بهدف تسليم الجثة إلى أقاربها ودفنها".
ويوضح الرطروط أن "أحد قارب السيدة تعرف عليها، وراجع الوزارة بشأنها، ولغايات تسليمها له تم إجراء فحص الحمض النووي الريبي DNA ، بقصد التأكد من صلة القرابة وتسليم الجثة".
وتعكس حالة "سامية" أوضاع العديد من كبار السن، الذين تخلى ذووهم عن رعايتهم، لا بل تخلو حتى عن السؤال عنهم، في وقت تؤكد فيه الوزارة أنه "رغم وجود عدد من حالات العقوق من قبل الأبناء، لكن ما تزال للمسن مكانة اجتماعية مهمة" في المجتمع الأردني.
ويبلغ عدد المسنين في مؤسسات رعاية كبار السن 350 شخصا، يقيمون في 11 دار رعاية، بحسب الرطروط.
ويعتبر الرطروط أن "تدني أعداد المسنين الملتحقين بدور الرعاية، مؤشر على المكانة الكبيرة التي يحظى بها كبار السن في المجتمع".
ومن أصل 350 مسنا، ثمة حوالي 150 تتكفل الوزارة بتكاليف إقامتهم في دور الرعاية، وبكلفة تصل الى 220 دينارا للمسن الواحد.
وتتوزع دور الرعاية إلى 6 تابعة لجمعيات خيرية، و5 للقطاع الخاص، فيما تتعاقد الوزارة مع جمعيات الأسرة البيضاء والخيرية الأرثوذكسية ودارات سمير شما لتغطية نفقات 150 مسنا ومسنة من فئة الفقراء.
ورغم تدني أعداد المسنين بدور الرعاية، فإنها شهدت ارتفاعا من 268 في 2007 إلى 350 العام الحالي، في حين تقدر أعداد من هم فوق 65 عاما في الأردن بـ400 ألف مواطن. ولاحظ تقرير لجنة التحقيق والتقييم لأوضاع دور الرعاية الاجتماعية أن حالة المنتفعين النفسية سيئة، وهو، كما بدا نتيجة ثلاثة عوامل أساسية، أولها: قلة زيارات الأهل والأقارب، وثانيها: غياب البرامج الفعالة التي تشغل وقت المنتفعين، وثالثها ضعف تدخلات الطبيب النفسي، إن وجد، في مساعدة المنتفعين على تجاوز أوضاعهم والتعايش الإيجابي مع واقعهم.
وللحد من إيداع كبار السن في دور المسنين، دعا التقرير، إلى تجريم عقوق الأبناء ضمن قانون العقوبات، ودعم وتشجيع إبقاء كبار السن في أسرهم على اعتباره الأصل ووضع البرامج التوعوية والإرشادية بهذا الخصوص.