الدعاية التلفزيونية

يتابع المواطنون في أثناء وجودهم في بيوتهم مسلسلات كثيرة، ويحرصون على موعد تقديم تلك المسلسلات، وخاصة بعض المسلسلات المشوقة مثل مسلسل: «حريم السلطان»، و»نزار قباني»، و»الملك فاروق»، و»عمر بن الخطاب»، و»قاسم أمين»، و»سعد زغلول»، وغير ذلك من المسلسلات المعروفة.
ومما ينغص على المواطنين متعتهم قطع المسلسل لبث اعلانات تستمر أكثر من خمس دقائق، وذلك كل عشر دقائق من وقت المسلسل، ويضطر المواطنون أحياناً إلى تغيير محطة الإرسال إلى محطة أخرى؛ للابتعاد عن هذه الاعلانات المكررة التي حفظوها عن ظهر قلب، علماً أن معظم هذه الإعلانات لا تهم معظم المواطنين.
الجميع يعلم أن الإعلانات تدر على محطات التلفزيون دخلاً كبيراً، قد يكون هو الوحيد الذي تعتمد عليه بعض المحطات، وخاصة إذا كانت غير حكومية.
ولكن ما ذنب المواطن الذي يكون مستمتعاً بالمسلسل، ومتابعاً له بكل جوارحه عندما يرى أن المسلسل يقطع كل عشر دقائق؛ لعرض إعلانات مكررة سئمها بعد أن رآها عشرات أو مئات المرات في أثناء جلوسه في منزله على التلفزيون.
فإذا علمنا أن معظم الناس لا شاغل لهم في أثناء تواجدهم في منازلهم سوى متابعة مسلسلات التلفزيون، وخاصة أن بعض عائلات المواطنين تسهر ساعات كثيرة من الليل لمتابعة مسلسل أو انتظار فيلم أو سماع الأخبار، لذلك فإن المطلوب من إدارة التلفزيونات الإقلال من هذه الدعايات، أو على الأقل جعل فترة نصف ساعة بين كل إعلان وإعلان؛ لأن من غير المعقول أن تكون الإعلانات كل عشر دقائق ولمدة تزيد على خمس دقائق كما هو متبع.
إن السياسة التجارية والأرباح التي أصبحت هدف وسائل الإعلام قد أساءت لأصحابها مثل ما أزعجت المواطنين؛ وذلك لأن هناك الكثير من الناس أصبحوا لا يتابعون المسلسلات ويكتفون بالأخبار وما شاكل، حتى لا يتعكر مزاجهم من كثرة الإعلانات وعدم استطاعتهم تحملها.
والأمر الآخر الذي لا بد من الإشارة إليه أن مديري ومعدي البرامج لا يهمهم سوى برامج محطاتهم، ولا يجري تنسيق بين هذه المحطات حول أوقات الإعلانات ومدتها، مع أن مثل هذا التنسيق قد يساعد على تخفيف ضيق المواطنين من أن الإعلانات تصادف نفس الوقت في بعض المحطات، وقد يساعد التنسيق بين أوقات إذاعة الإعلانات على تمكين المواطن من الاستمرار في مشاهدة نفس المحطة.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن متابعة التلفزيون أصبحت هي التسلية أو الإمكانية الوحيدة أمام الناس في أثناء تواجدهم في منازلهم، لوجدنا أنه من المناسب إعداد دراسة من قبل مختصين إعلاميين ونفسيين وخبراء في مختلف نواحي الحياة، تبين الأمور التي تهم المواطن وتحدد زمن الإعلانات وتوقيتها وعددها، فلا يجوز مثلاً أن يكون زمن الإعلانات أكثر من زمن أوقات الأخبار أو أوقات المسلسلات أو أوقات الأخبار الرياضية.
والخلاصة أن موضوع البرامج التلفزيونية ومدة كل برنامج ونوعه وتوقيته، يجب أن يكون محل دراسة من خبراء مختصين يضعون برامج وأوقات لكل نوع من البرامج، كما أن من الضروري متابعة رسائل الجمهور ورغباته التي غالباً ما يرسلها للتلفزيون؛ لأن مثل هذه الرسائل والرغبات تعبر عن رأي عدد كبير من المشاهدين والمستمعين، وهناك تلفزيونات تشكل لجاناً خاصة لوضع برامجها، ومن واجب هذه اللجان استدراج آراء المشاهدين والاستماع إليهم؛ لأن الأمور إذا درست من قبل لجان تكون أقرب إلى إرضاء المشاهدين وتحقيق رغباتهم.