مابين وعود المسئولين وتشاؤم المواطنين

* مهدي مبارك العبداللات


لا يختلف مسئول في بلدنا عن آخر في القدرة الهائلة على إطلاق الوعود والتصريحات الإعلامية التي تداعب أحلامنا وتلامس أوجاعنا بانجاز الأعمال وتنفيذ القرارات وتوفير أفضل الخدمات ولكن هنالك تشابه كبير بين كثير من مسئولينا من حيث عدم الوفاء بوعودهم وبما يقطعونه على أنفسهم مراهنين على ضعف الذاكرة وقلة الاهتمام واليأس من المراجعة وعدم وجود مراكز متخصصة لرصد الوعود الإعلامية المتكررة ومقارنتها بالانجاز الميداني لكل وزارة أو مؤسسة عامة بعد مغادرة المسئول لها مع العلم أن استمرار المسئولين في مناصبهم ليس له علاقة بانجازاتهم قبل سنوات وفي زيارة لمحافظة الزرقاء وأمام حشد من أبنائها صرح أحد رؤساء الحكومات قبل أعوام بأن خط سكة الحديد القطار الخفيف بين عمان والزرقاء سوف يكون جاهز لنقل الركاب خلال ستة شهور بسرعة وتقنية عالية ثم تعطل العمل بعد خلاف مع ائتلاف الشركات التي ستنفذ المشروع ثم هدمت العديد من منازل المواطنين على طول خط سكة الحديد وأخير زفت البشرى إلينا بأن المشروع ثم إيقافه نهائيا أو إلغائه كليا لا فرق وحتى الساعة لازلت أزمة المواصلات تتفاقم ما بين عمان والزرقاء والقطار الحالي أصبح تراث من الماضي يستقله السياح أما مسئولو الاستثمار فقد وعدونا بجلب رؤوس الأموال الضخمة لإقامة المشاريع وتوفير فرص العمل والواقع يؤكد إن هذه الاستثمارات الكثير منها لم ينفع المواطن حيث ارتفعت المساكن والعقارات والسيارات وأسعار كل الضروريات والأساسيات وأصبح المواطن في ضياع بين جشع التجار والمرابين وغياب رقابة الحكومة أما مسئولو الصناعة فقد وعدونا بإنشاء مصانع عالمية تغزو منتجاتها أسواق الشرق والغرب وتستوعب جميع القادرين على العمل وتكون رافدا قويا للاقتصاد الوطني ومرت سنين لم نشاهد فيها سوى مصانع بدائية ومراكز تجميع بمسميات صناعية تتمتع بالامتيازات والإعفاءات الحكومية لتنفيع الأصدقاء والأقارب والانسباء والمحاسيب وأما مسئولو المرور فقد وعدونا بتحقيق الانضباط المروري التام ومرت سنوات سادت فيها الفوضى المرورية وفقدت بلادنا مئات الآلاف من القتلى والمصابين والمعاقين واكتفى مسؤولو المرور بأعداد الإحصائيات ووضع الحواجز والمطبات والكاميرات ذات الفاعلية المؤقتة في الرقابة والمعالجة وفي مجال التجارة وعدونا بحمايتنا من جشع وتلاعب وغش التجار ومرت سنين تفشت فيها عمليات الغش في جميع المجالات وفتكت بصحة وأموال المواطنين الأبرياء وحافظت الوزارة على نظام حماية الغشاشين المسمى نظام مكافحة الغش التجاري والذي يحمي المجرمين ولا ينصف المتضررين أما مسئولو المياه والصرف الصحي فحدث ولا حرج لازلنا في مراحلنا الأولية لهذه الخدمة والمياه العادمة تملئ شوارعنا وطرقاتنا والفاقد من المياه المكسورة يكفي لملئ بحيرة بحجم طبريا والمدن في كل عام تغرق بمياه الأمطار ومجاري الصرف الصحي وتصريف مياه الإمطار مغلقة منذ أعوام حتى في العاصمة عمان ونحن في بداية الشتاء وفي مجال التربية والتعليم لازالت مناهجنا تكسوها الأغلاط والأخطاء والطلبة يتجمعون في بيوت مستأجرة متهالكة لا تصلح لتربية الدواجن ولا زالت العملية التربوية تسير على خطى جدتي وبقي امتحان الثانوية العامة حالة طوارئ أسرية مرعبة تتحدى فيها الوزارة الطلبة بأسئلة تعجيزية وفي البلديات وعدونا باستقرار تنظمي متطور وخلق أحياء نموذجية مكتملة الخدمات ومرت سنين اختفت فيها الكثير من المرافق العامة والحدائق والساحات والمواقف والملاعب والأرصفة وفقدت الأحياء السكنية خصوصيتها واختلطت الأحياء السكنية بالتجارية وتحولت الطرقات إلى أسواق عشوائية تمارس فيها المحاباة والمحسوبية والتستر العلني وفي الصحة لا زالت بعض المستشفيات تعجز عن توفير الدواء والرعاية المطلوبة وتفتقر إلى كوادر طبية مؤهلة ولا زال بعض الأطباء والممرضات والعاملين في الحقل الطبي يسيئون معاملة المراجعين ولا يهتمون بالموت والحياة للمرضى على أسرة أقسام الطوارئ ولازال المؤمن صحيا يشتري أدوية من الخارج ولا زال الكثير من الموظفين يطالبون أن يكون التأمين الصحي عليهم اختياري وليس إلزامي لعدم جدوى المعالجة والخدمة في كثير من المستشفيات الحكومية وفي العمل وعدونا بالقضاء على البطالة وتوفير فرص العمل ورفع مستوى الأجور وتنظيم ساعات العمل والالتزام بها فكان كل ذلك مجرد تعا ميم وتعليمات ولا أريد الحديث عن البيئة التي أصبحت خطرا يوميا يهدد الحياة وينذر ببروز أمراض مستعصية على الطب والدواء افتك من السرطان إنا نسمع جعجعة المسئولين ولا نرى طحنا لهم هذه وعود جميعها في صالح الوطن والمواطن لا تعطى التقدير والاحترام والاهتمام أما اذا كان الوعد في صالح المسئول وضد تطلعات المواطنين فتراه ينفذ بسرعة البرق وشدة الريح وخير مثال قرارات عبد الله النسور في رفع الدعم وقرارات من سبق ومن سيلحق من مسئولين