القضاء الأردني في تقهقر
لا تكفي القضاء سمعة النزاهة لوحدها بل لا بد من اقتران هذه السمعة بقدرة القاضي وكفائته وعدم اعتماده على أجهزة الكمبيوتر الحديثة لبناء أحكام على السوابق القضائية التي ليست دائماً في محلها خاصة الحديثة منها التي صدرت عن قضاة وصلوا لمراكزهم المتقدمة بالأقدمية لا بالفهم والابداع الذي لم يعد مقياساً في الترفيعات القضائية.
وعودة الموضوع فإن ما يعنيني به ثلاث محاكم في رأس الهرم القضائي.
1ـ المحكمة الأولى هي محكمة التمييز والتي تنظر هيئاتها بجميع القضايا المفصولة استئنافاً بالمملكة حسب اختصاصها دون أن نرى أن هناك قضاة في هذه المحكمة قد اصدر أي منهم كتاباً فقهياً بموضوع قضائي بعد أن اعتمدوا بقراراتهم على قرارات هذه المحكمة منذ تأسيسها في النصف الأول من القرن الماضي وما أعقبه من قرارات صادره عن هيئات بهذه المحكمة من قبل قضاة أكفاء متقاعدين أو هم في ذمة الله.
2- المحكمة الثانية هي محكمة العدل العليا التي تتقيد على مدى الأيام بالأمور الشكلية وتبتعد عن جوهر العدالة بقراراتها فما أسهل على قضاة هذه المحكمة منذ سنوات طويلة أن يردوا الدعوى بحجة عدم اتباع اجراء معين ليحملوا مسؤولية ذلك الى المحامين وهذا نوع من الهروب من احقاق الحق وربطة بأمور شكلية لا علاقة لها بجوهر العدالة. وحينما تعجز المحكمة عن ايجاد خطأ شكلي توقع نفسها بخطأ أسواء خاصة حين تصدر قراراتها بموضوع يتعلق باحالة موظف على التقاعد او على الاستيداع فتتوج قراراتها بقولها أن لا رقابة على صلاحية الإدارة بالاحالة على التقاعد طالما أن الموظف قد أكمل مدة خدمته التقاعدية وتفترض المحكمة أن الادارة حين اتخذت قرارها وضعت نفسها في أفضل الظروف مع أن قرارات الاحالة على التقاعد تصدر عن مجلس الوزراء بدون الاطلاع على الملف الوظيفي للموظف وانما تكون بالجملة حيث يتخذ مجلس الوزراء قرار باحالة عشرين موظف في دقيقتين تتلخص بموافقة المجلس على التنسيب بالاحالة كما وردت من المنسب حتى أن هذه المحكمة أصبح اسمها في بلادنا محكمة الرد العليا. وبالطبع قراراتها تعدد على درجة واحدة قطعية إلى أن أدرك المشرع خطورة ذلك فأوجب أن يكون القضاء الاداري على درجتين بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة التي مضى عليها ما يقارب العام ولم تطبق هذه التعديلات فيما يتعلق بدرجتي التقاضي بهذه المحكمة ولا زالت تصدر قراراتها بالرد وحين يدفع الثمن الموظفين ويكفينا أن نعرف أن التخصص بالقضاء الاداري لدى قضاة العدل العليا لدينا معدوماً.
3- المحكمة الثالثة هي محكمة الاستئناف بنوعيها التي تقوم بها محاكم البداية بصفتها الاستئنافية أو محاكم الاستئناف العادية والتي توجد في ثلاث مناطق عمان واربد ومعان والتي يصل لعضويتها القضاة بالدرجة الثالثة فما فوق.
ما دعاني للكتابة بهذا الموضوع هو ما جرى على الساحة المصرية حينما حاول رئيس الجمهورية أن يحصن قراراته من الطعن بها أمام القضاء في مرحلة محددة حيث وقف المصريون باحزابهم ومنظماتهم ومؤسسات المجتمع المدني المصري خلف القضاء الذي اعتدى عليه رئيس الجمهورية باعلاناته الدستورية حتى أن رئيس الجمهورية لم يسمح له باحالة النائب العام على التقاعد.
بعكس ما يجري في بلادنا فتغيير رئيس السلطة القضائية يتم بمجرد تنسيب حكومي بتغيره وقد اتضح ذلك عندما تغير خمس رؤساء سلطة قضائية خلال خمس أو ست سنوات لأساب غير موضوعية اما من أجل انهاء انتداب احد القضاة في عمل اداري بالوزارة واما من اجل استعمال المجلس لصلاحيته في الموافقة على توقيف احد الموظفين أو لغير ذلك من الأسباب التي لا ترقى ولا يجوز أن ترقى لمستوى تهشيم المرفق القضائي.
وخلاصة القول أن لمبدا فصل السلطان أن يتحقق في بلادنا بعد ما يقارب المائة عام على تأسيس الدولة وأن للقضاء أن يستقر وأن لا يكون رهن أوامر السلطة التنفيذية وأن لقانون استقلال القضاء بجميع أنواعه المالية والادارية وغيرها أن يصدر خاصة بعد أن تشكلت المحكمة الدستورية وما صاحب ذلك من انتقادات مستذكرين المبدأ القائل أن يكون التشريع ضعيف والقاضي حكيم أفضل ألف مره من أن يكون التشريع قوي والقاضي ضعيف.
حمى الله الأردن والأردنيين وان غداً لناظره قريب
نعتذر عن قبول التعليقات بناء على طلب الكاتب
وعودة الموضوع فإن ما يعنيني به ثلاث محاكم في رأس الهرم القضائي.
1ـ المحكمة الأولى هي محكمة التمييز والتي تنظر هيئاتها بجميع القضايا المفصولة استئنافاً بالمملكة حسب اختصاصها دون أن نرى أن هناك قضاة في هذه المحكمة قد اصدر أي منهم كتاباً فقهياً بموضوع قضائي بعد أن اعتمدوا بقراراتهم على قرارات هذه المحكمة منذ تأسيسها في النصف الأول من القرن الماضي وما أعقبه من قرارات صادره عن هيئات بهذه المحكمة من قبل قضاة أكفاء متقاعدين أو هم في ذمة الله.
2- المحكمة الثانية هي محكمة العدل العليا التي تتقيد على مدى الأيام بالأمور الشكلية وتبتعد عن جوهر العدالة بقراراتها فما أسهل على قضاة هذه المحكمة منذ سنوات طويلة أن يردوا الدعوى بحجة عدم اتباع اجراء معين ليحملوا مسؤولية ذلك الى المحامين وهذا نوع من الهروب من احقاق الحق وربطة بأمور شكلية لا علاقة لها بجوهر العدالة. وحينما تعجز المحكمة عن ايجاد خطأ شكلي توقع نفسها بخطأ أسواء خاصة حين تصدر قراراتها بموضوع يتعلق باحالة موظف على التقاعد او على الاستيداع فتتوج قراراتها بقولها أن لا رقابة على صلاحية الإدارة بالاحالة على التقاعد طالما أن الموظف قد أكمل مدة خدمته التقاعدية وتفترض المحكمة أن الادارة حين اتخذت قرارها وضعت نفسها في أفضل الظروف مع أن قرارات الاحالة على التقاعد تصدر عن مجلس الوزراء بدون الاطلاع على الملف الوظيفي للموظف وانما تكون بالجملة حيث يتخذ مجلس الوزراء قرار باحالة عشرين موظف في دقيقتين تتلخص بموافقة المجلس على التنسيب بالاحالة كما وردت من المنسب حتى أن هذه المحكمة أصبح اسمها في بلادنا محكمة الرد العليا. وبالطبع قراراتها تعدد على درجة واحدة قطعية إلى أن أدرك المشرع خطورة ذلك فأوجب أن يكون القضاء الاداري على درجتين بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة التي مضى عليها ما يقارب العام ولم تطبق هذه التعديلات فيما يتعلق بدرجتي التقاضي بهذه المحكمة ولا زالت تصدر قراراتها بالرد وحين يدفع الثمن الموظفين ويكفينا أن نعرف أن التخصص بالقضاء الاداري لدى قضاة العدل العليا لدينا معدوماً.
3- المحكمة الثالثة هي محكمة الاستئناف بنوعيها التي تقوم بها محاكم البداية بصفتها الاستئنافية أو محاكم الاستئناف العادية والتي توجد في ثلاث مناطق عمان واربد ومعان والتي يصل لعضويتها القضاة بالدرجة الثالثة فما فوق.
ما دعاني للكتابة بهذا الموضوع هو ما جرى على الساحة المصرية حينما حاول رئيس الجمهورية أن يحصن قراراته من الطعن بها أمام القضاء في مرحلة محددة حيث وقف المصريون باحزابهم ومنظماتهم ومؤسسات المجتمع المدني المصري خلف القضاء الذي اعتدى عليه رئيس الجمهورية باعلاناته الدستورية حتى أن رئيس الجمهورية لم يسمح له باحالة النائب العام على التقاعد.
بعكس ما يجري في بلادنا فتغيير رئيس السلطة القضائية يتم بمجرد تنسيب حكومي بتغيره وقد اتضح ذلك عندما تغير خمس رؤساء سلطة قضائية خلال خمس أو ست سنوات لأساب غير موضوعية اما من أجل انهاء انتداب احد القضاة في عمل اداري بالوزارة واما من اجل استعمال المجلس لصلاحيته في الموافقة على توقيف احد الموظفين أو لغير ذلك من الأسباب التي لا ترقى ولا يجوز أن ترقى لمستوى تهشيم المرفق القضائي.
وخلاصة القول أن لمبدا فصل السلطان أن يتحقق في بلادنا بعد ما يقارب المائة عام على تأسيس الدولة وأن للقضاء أن يستقر وأن لا يكون رهن أوامر السلطة التنفيذية وأن لقانون استقلال القضاء بجميع أنواعه المالية والادارية وغيرها أن يصدر خاصة بعد أن تشكلت المحكمة الدستورية وما صاحب ذلك من انتقادات مستذكرين المبدأ القائل أن يكون التشريع ضعيف والقاضي حكيم أفضل ألف مره من أن يكون التشريع قوي والقاضي ضعيف.
حمى الله الأردن والأردنيين وان غداً لناظره قريب
نعتذر عن قبول التعليقات بناء على طلب الكاتب