تظاهرات حاشدة في مصر اليوم رفضاً لـ (الإعلان الدستوري)

 التقي الرئيس المصري محمد مرسي امس المجلس الاعلى للقضاء في محاولة لايجاد مخرج من الازمة السياسية العنيفة التي فجرها اعلان دستوري اصدره ومنح نفسه بموجبه سلطات مطلقة لكن المعارضة التي دعت الى تظاهرات حاشدة اليوم الثلاثاء، رفضت «اي حل وسط» وطالبت بالغاء الاعلان برمته.
وقال وزير العدل احمد مكي الذي كان نائبا لرئيس محكمة النقض في تصريحات لوكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ان هناك امكانية لحل مشكلة الاعلان الدستوري «من خلال اصدار مذكرة شارحة للاعلان الدستوري او تعديل يوضح ان التحصين يتعلق بالقرارات السيادية التي يصدرها الرئيس وليس القرارات الادارية الصرفة».
واضاف ان «الرئيس ومجلس القضاء الاعلى راضيان عن هذا التفسير» من دون ان يوضح ماهية القرارات السيادية التي يشير اليها.
غير انه اكد ان «مقصد الرئيس الاساسي» من اصدار الاعلان الدستوري «كان ان يحصن مؤسسات الدولة الدستورية وهو موافق على ما طلبه القضاة من أن هذا الأمر لا يمتد إلى القرارات الإدارية الصرفة».
وقبيل بدء هذا الاجتماع، اعلنت محكمة القضاء الاداري المصرية انها ستنظر في 4 كانون الاول المقبل 12 دعوى تطالب بوقف تنفيذ والغاء الاعلان الدستوري.
وبحسب مصدر قضائي استندت الدعاوي الى ان «رئيس الجمهورية بوصفه رئيس السلطة التنفيذية لايجوز له إصدار أية إعلانات دستورية دون إستفتاء المواطنين عليها بإشراف قضائي كامل»، كما اعتبرت الدعاوى ان «الرئيس المصري اساء استعمال السلطة والانحراف بها خاصة عندما حصن قراراته من الطعن عليها أمام القضاء واعتبارها نافذة بشكل نهائي».
ووفق المصدر نفسه، اكد مقيمو هذه الدعاوى في مذكراتهم ان «أي قرار يصدر عن الرئيس هو قرار إداري يخضع للطعن عليه أمام محاكم القضاء الإداري، وأن أي تحصين ضد إجراءات المراجعة القانونية لقرارات الرئيس لا يكون إلا بإلغاء مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا».
واكدت المعارضة المصرية، التي تضم كل الاحزاب غير الاسلامية من كل الاتجاهات اضافة الى الحركات الشبابية، على لسان احد ابرز رموزها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي رفضها لاي حلول وسط.
وشددت على انه لا سبيل لانهاء اكبر ازمة سياسية تشهدها مصر منذ تولي محمد مرسي منصبه قبل خمسة اشهر الا بالغاء الاعلان الدستوري الجديد.
وقال البرادعي في مقابلة نشرتها امس صحيفة المصري اليوم المستقلة «لا لأي حل وسط» لهذه الازمة.
واضاف «عشت طوال عمري اؤمن بأهمية الحوار واعمل من اجل التوصل الى حلول وسط للقضايا الدبلوماسية لكن لا حلول وسط في المبادئ».
وتابع «اننا امام رئيس يفرض علينا نظاما دكتاتوريا مستبدا فاذا الغي الاعلان يمكن ان نجلس للبحث عن توافق لاننا في النهاية لابد ان نعيش معا».
وسئل «وماذا لو اصر الرئيس الرئيس موقفه»، فأجاب «سنصر على موقفنا مهما مضى الزمن وبلغت التضحيات».
واكد البرادعي انه «لن يندهش اذا نزل الجيش» الى الشوارع مرة اخرى «ليمارس مسؤوليته في منع الفوضى وحماية الوطن رغم ان ذلك يفتح الباب لتداعيات لا يعلم احد الى اي مصير تقودنا».
وتابع «عندما ينزل الجيش لحفظ الامن فانه سيعود حتما الى السلطة (..) واذا نزل الجيش في ظروف قاسية فانه سيبقى» في السلطة.
وقال البرادعي «نحن نسقط في براثن ديكتاتورية أشد من تلك التي تخلصنا منها، وبينما كنا نتوق الى الحرية والعدالة نرى الان نفس دكتاتورية نظام مبارك ولكن بنكهة تتمسح في الدين».
وامضى عشرات من معارضي مرسي ليلة جديدة في ميدان التحرير الذي تحول الى معسكر تنتشر فيه الخيام منذ اعلنت المعارضة الاعتصام فيه مساء الجمعة احتجاجا على قرارات الرئيس المصري.
ودعت هذه الاحزاب والحركات الى تظاهرة «مليونية» اليوم الثلاثاء في ميدان التحرير.
وردت جماعة الاخوان المسلمين بالدعوة الى تظاهرة تأييد للرئيس في ميدان عابدين الذي لا يبعد كثيرا عن التحرير. لكن التوتر السياسي والاشتباكات المستمرة على الارض في عدة محافظات بين انصارها ومعارضيها دفعاها الى تغيير المكان ونقل الحشد الى الميدان المقابل لجامعة القاهرة في الجيزة على الضفة الاخرى من النيل.
وتفجرت الازمة بسبب اصدار مرسي مساء الخميس اعلانا دستوريا حصن بموجبه كل قراراته التي صدرت منذ توليه السلطة في نهاية حزيران الماضي والتي سيتخذها خلال الاشهر المقبلة وحتى انتخاب مجلس شعب جديد عقب وضع دستور جديد للبلاد. كما حصن هذا الاعلان الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الاسلاميون من الحل استباقا لحكم قد يصدر خلال الشهر المقبل عن المحكمة الدستورية العليا التي تنظر طعنا بعدم دستورية قرار تشكيل هذه الجمعية.
وترفض المعارضة المصرية مشروع الدستور الذي تقوم باعداده هذه الجمعية التي انسحب منها تقريبا كل ممثلي القوى المدنية والليبرالية والكنيسة والازهر وترى انه لا يحقق مطالب الثورة التي اطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في شباط 2011 ولا يحصن الحريات العامة والشخصية ولا يؤسس لنظام ديموقراطي.
وبرر الرئيس المصري هذه القرارات برغبته في «حماية الثورة» وهو تعبير يفتح الباب، بحسب خصومه، لصناعة دكتاتور.
وادى الغضب الى انفجار تظاهرات ووقوع اشتباكات بين انصار ومعارضي مرسي في عدد من المحافظات واحراق بعض مقار جماعة الاخوان. وبحسب وزارة الصحة اسفرت المواجهات حتى الان عن مقتل شخص واصابة 444 اخرين. فقد قتل شاب اكدت جماعة الاخوان انه ينتمي اليها مساء الاحد في مواجهات امام مقر الجماعة بمدينة دمنهور (جنوب الاسكندرية على بعد 180 كيلومتر شمال القاهرة) وشيعه مئات في مدينته بعد صلاة العصر.
في الوقت نفسه شارك الالاف بعد ظهر امس في تشييع ناشط شاب معارض لجماعة الاخوان المسلمين توفي ليل الاحد الاثنين متأثرا بجراح اصيب بها خلال مواجهات مع الشرطة الاسبوع الماضي.
وكان جابر صلاح العضو في حركة 6 ابريل وفي حزب الدستور وشهرته «جيكا» اصيب في اشتباكات بين قوات الامن والمتظاهرين في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير الاسبوع الماضي. وامتدت الاحتجاجات الى وزارة الخارجية المصرية.
وارسل اكثر من 200 دبلوماسي مصري مذكرة لوزير الخارجية محمد كامل عمرو يعترضون فيها على تعليماته لهم بالدفاع عن الاعلان الدستوري.
واعرب الدبلوماسيون المحتجون في مذكرتهم عن «الحزن والاندهاش» لتلقيهم برقية من مكتب الوزير «تتضمن نقاط استرشاد من قبل مجلس الوزراء لتبرير الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس والانسحابات من الجمعية التأسيسية للدستور».
واضافت المذكرة ان «التراجع عن أهداف الثورة، هو خيانة لثورة بُذل فيها الدم وإن صميم عملنا الدبلوماسى هو الدفاع عن مصالح مصر العليا وأمنها القومي ما يتوجب معه ترفع مؤسستنا عن الصراعات السياسية».