الديوان الملكي يدفع للمؤلفة قلوبهم من السياسيين

اخبار البلد - بقلم ماهر أبو طير 
 

سرت في عمان خلال اليومين الفائتين،روايات كثيرة،حول قيام الديوان الملكي بدفع مبالغ مالية كبيرة وهدايا مادية،لعشرات الشخصيات في البلد،تحت عنوان تحسين الاوضاع،وللتخفيف من مصاعب حياتهم.

الدفع جاء في سياق استرضاء نخب الدولة من مسؤولين سابقين،ومحو اي حرد او عتب،وفي توظيف لتأثيرهم الاجتماعي لتهدئة خواطرالناس في المناطق التي يؤثرون عليها،قبيل رفع الاسعار وبعد هذا الرفع.

قلنا روايات.وهي روايات ربما لا يعترف بها احد ،لكنها تأتي في توقيت حساس جداً،وعلى الديوان الملكي ان يخرج لينفي الرواية او ليؤكدها ان استطاع الى ذلك سبيلا.

لابد من الاشارة الى التوصيف الوظيفي لدور الديوان الملكي،فخلال السنين الاخيرة،شهد هذا الدور تراجعا في العلاقة مع الناس،لصالح ادوار جديدة غير مناسبة ابداً.

الديوان الملكي منذ عام 2005 بدأ بالتخلي عن دوره التاريخي في بلد لاتؤّمن فيه المؤسسات حقوق الناس،وكانوا يهربون الى الديوان باعتباره الملاذ،لكنه بدأ يخرج من قصة «الرعوية» ليتحول الى الحد الادنى وكأنه دائرة تنمية اجتماعية نائية.

الاردني الذي يذهب للديوان ولديه مشكلة يتم مساعدته بمائة دينار وبمائتي دينار ،ويقولون للناس اليد قصيرة والعين بصيرة،وهكذا توارى دور الديوان يوما بعد يوم،في علاقته مع الناس،حتى المنح الدراسية تم تجميدها،في سياق دور جديد للديوان الملكي يمس ارث القصر مع الاردنيين على مدى عشرات السنين،ويدمر الحبل السري بين المؤسسة والناس.

الذي ُيقنع الملك ان الابتعاد عن الناس،وخفض مستوى العلاقة مع الاردنيين،وتحويل الديوان الى مؤسسة لا تحل مشكلة،عليه ان يؤمن نظاما اجتماعيا بديلا للناس لرفع مظالمهم،اما مساواة الديوان بل وارجاعه الى الخلف في الظلال،امر مؤسف،وتسبب ايضا بأضرار فادحة في علاقة العرش بالشعب،لان الناس لم يعد لهم ملاذ،لا في القصر،ولا في الانظمة والتعليمات.

تأتي روايات تقبيض النخب السياسية بمئات الالاف لكل واحد،في توقيت يتم فيه بيع رواية الفقر وقلة الحيلة على الشعب،وبدلا من انفاق هذه الاموال على نخب كانت سببا في مشكلة الدولة مع الناس،كان الاولى ان يتم انفاقها على تعليم الطلبة وعلى الايتام والفقراء والمساكين والمحتاجين والشباب العاطلين عن العمل،الذين لم يعد لهم احد في هذا البلد واصبحوا هم الان اساس الحراك في الشارع.

كل ذلك على فرض ان الروايات دقيقة،لكنها روايات تتدفق تارة تحكي عن اموال وتارة عن هدايا،ولابد للديوان الملكي ان يفسر هذه القصص،هل هي صحيحة،ام كاذبة،ام يراد منها ارباك كل من يحاول الدفاع عن النظام او الدولة ؟!.

هناك مشكلة كبيرة لا يريد احد ان يعترف بها،وتتعلق بالتوصيف الوظيفي لدور الديوان الملكي،وبعض من حول الملك وحواليه،رؤاهم منقوصة،وسياساتهم غير شعبية،ولايجيدون سوى التسبب بعزل القصرعن الشعب بكل هذه الاراء العبقرية،بل بعضهم يقول «هذا شعب شحاد» ولربما ترد عليه بالقول ...من جعله يمد يده ايها المحترم؟!.

التحالف الوحيد الثابت هو تحالف الملك مع الشعب،واسترضاء النخب،لايفيد ولايضر،فهذه النخب سمنت وترهلت بطونها،فيما عوام الاردنيين فقراء ومحرومون وجوعى،وهذا غضب يغلي في صدورالناس جميعا،والفقيرلايباع من اجل من تربع فوق اكتافه و»دندل قدماه».

تحضرني هنا عبارة يرددها دائما على مسامعنا زميلنا الاستاذ محمد حسن التل رئيس تحرير الدستور المسؤول «صديقك من صدق لا من صدّقك».ولهذا يقال ان عليكم ان تعيدوا الديوان الملكي الى مربعه الشعبي،وتغيير كثرة من الاسماء والسياسات،ونفهم ان يعلن وزير ما فقر وزارته،لكننا لانفهم ان يعلن الديوان ايضا فقره امام الاردنيين،فلا يفتح لهم بابا،ضارا رصيد الهاشميين،في الوقت الذي تتسلل فيه الكثيرمن النخب للحصول على مصالحها،وتمرير طلباتها،في الليل اوالنهار.

ليس لكم الا شعبكم،لان قواعد اللعبة تغيرت،ومفتاح الحل بيد الناس،لابيد النخبة التي باتت كالمنشار،تنشرنا في الحرب والسلام،وهذه النخبة متخمة،لكن الدفع لها مستمر،وكأنها دخلت مؤخراً في الايمان السياسي،باعتبارها من طبقة المؤلفة قلوبهم.

نتمنى ان تكون الروايات مجرد اشاعات،خصوصا،ان تلبية طلبات فقراء الناس بمائتي دينار وباسم الملك مثيرة حقا للغضب،وكل مانريده ان لايتم فتح باب للمتخمين والنخب،وان تتم مراجعة سياسات التعامل مع الناس،ومن ينفذها ايضا.؟!.

محنة الايام الاربعة،لم تكن سهلة..أليس كذلك؟!.