الاطلال

الأطلال

قادتني عفويتي أمس لسماع أغنية الست أم كلثوم " الاطلال " ، وودت صنع كوب من النسكافيه لإحتساءها مع الأغنية .

في اللحظة التي كنت أسأل فيها عن مكان " النسكافيه " ، بدأت الست تردد "يا فؤادي لا تسل أين الهوى" ، بالنتيجة استدليت لمكان "النسكافيه" ، وما أن وجدتها حتى سألت زوجتي فيما لو أردات أن تحتسي معي كوبا ، عندها كانت الست تصدح " اسقني وأشرب على اطلاله " .

صنعت كوبين من النسكافيه ، وذهبت لمتابعة قراءة تقارير عن رغبة البعض بإسقاط النظام ، في تلك اللحظة كانت الست قد وصلت إلى المقطع الذي يقول "كيف ذاك الحب أمسى خبرا وحديثا من أحاديث الهوى" .

أنهيت المقال وانتقلت لمتابعة خبر يتحدث عن ضرورة تحمل الشعب لقرارات رفع الدعم نظرا للأزمة التي تمر بها الميزانية ، في هذه اللحظة كانت الست قد وصلت لمقطع " إنني أعطيت ما استبقيت شيئا " ، وددت التعليق على الموضوع ولكن الموقع كان يشير إلى حجب التعليقات احتجاجا على قانون المطبوعات والنشر ، وقتها كانت الست تصرخ "آه من قيدك أدمى معصمي" .

قمت بالتجول بين المواضيع والمقالات والمواقع وقد أثارني خبر يقول "ايران تنفي استعدادها لتزويد الأردن بنفط مجاني" ، في هذه اللحظة كانت الست قد وصلت لمقطع " كم بنينا من خيال حولنا " ، في نفس الموقع كان هناك خبر قديم يقول "النسور: لن اتراجع عن قرار الرفع" ، وقتها كانت الست قد وصلت لمقطع "وانتبهنا بعدما زال الرحيق ... وافقنا ... ليت أنا لم نفيق" .

تابعت بحثي وتنقلي بين المواقع والمواضيع بحثا عن الأخبار، كان أغلبها مؤلم .. مخزي ... محزن ... مفجع ... يرمي بظلاله علي نحو الملل والتعاسة ، وبلحظة فقدت فيها انتباهي ، قامت بنتي سارة "برمي" كاسة النسكافيه فأوقتعها متهشمة أرضا على أنغام ترديد الست " يا حبيبي كل شيء بقضاء ... ما بأيدينا خلقنا تعساء" .

رغم الغضب ورغم كاسة النسكافيه اللي راحت بنفسي ، إلا أني ضحكت من أعماق قلبي على أثر نكتة قرأتها حول تعريف الأردني أو من هو الأردني كان في نهايتها جملة " ... ومع هذا ما زال حي .. كم أنت كبير أيها الأردني " بينما كانت الست تردد في نفس اللحظة مقطعها الأخير " فإن الحظ شاء .... فإن الحظ شاء " .

ضحكت مرة أخرى ومن اعماق قلبي ... فقد تبين لي أن حياتنا في كافة أحوالها ليست إلا أطلالا ... أطلالا لا أكثر .

على كلا ... عظمة على عظمة يا ست .




المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com