هل يحرك العرض الايراني دعم الحلفاء للاردن

العميد المتقاعد بسام روبين


اعتقد ان العلاقة الاردنية الايرانية في السنوات القديمة كانت علاقات جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل ويحضرني هنا وصفا دقيقا تحدث به شيخنا الكبير الدكتور نوح القضاة رحمه الله وطيب ثراه عندما سئل عن ايران فقال ان ايران لها ايجابيات كثيرة وعندها سلبيات فدعونا نركز على ايجابياتها ,وبقيت العلاقة بين البلدين جيدة الى ان جاء احد مدراء المخابرات في الاردن وهو يرقد الان على سرير احد مراكز الاصلاح والتأهيل ,حيث قام بتحطيم هذه العلاقة وجعل من ايران عدوا لدودا للاردن, وعمل على اقناع الاردنيين على ان ايران تشكل خطرا استراتيجيا قريب وبعيد المدى على الاردن وعلى الامة العربية عندما كان هو من يرسم السياسات الخارجية ويدير الشؤون الداخلية.

وأعتقد هنا اننا كأردنيون وفي يوم من الايام وقفنا بأشجاننا ضد ايران دعما للشهيد صدام حسين رحمه الله وطيب ثراه وكان ذلك الموقف مقبولا ومطلوبا منا في تلك الفترة حيث ان مصالح الدولة الاردنية كانت تحتم علينا الوقوف الى جانب العراق الشقيق ولكن الوضع الان مختلف تماما فالاردن يعيش اوضاع اقتصادية قاسية فجرت حراكات شعبية ومعارضة وصلت الى سقوف مرتفعة وكل هذا يجري بمسمع وعلم حلفاء السياسة الاردنية سواء كانوا عربا او اجانب فهم لم يبادروا الى تقديم اي شيء حيال ذلك وأضيف هنا الى ان احد أهم اسباب رداءة هذه العلاقة بين البلدين هو ان الاردن مؤخرا اصبح بلدا مستوردا للسياسات والثقافات ولم يعد بلدا منتجا او مصدرا لأي منها وهذا ما ادى الى ضعف دور الاردن عربيا واقليميا ودوليا ولا اريد ان اطيل وسأدخل في فحوى العرض الايراني الاخير والذي أجله وأحترمه وأقدم الشكر والعرفان لجمهورية ايران الاسلامية عليه مهما كانت ظروفه المعلنة او الغير معلنة ,وانني أود ان اقول هنا لمن ينادون بشعار الاردن أولا, اذا كنتم تعرفون ماذا يعني هذا الشعار عندما تم اطلاقه فيجب عليكم ان تأخذوا بهذا العرض وبدون تردد لأن هذا العرض سينهي جزءا كبيرا من مشاكل الاردن الاقتصادية والتشغيلية والتنموية وسيعالج مشكلة البطالة والفقر في الوقت الذي قدمت الاردن فيه كل التنازلات والتسهيلات للحلفاء ولم يقدموا أي عرض قريب من هذا العرض انني لا استطيع ان افهم كيف يقوم مئات الآلاف من المعتمرين والحجاج الايرانيين بالدخول والخروج من والى السعودية ؟ ولا استطيع ان افهم كيف يقوم العديد من التجار الايرانيين بممارسة تجاراتهم في جميع دول الخليج وبدون استثناء وبنفس الوقت يحرم ذلك على الدولة الاردنية؟ , كيف تقبل الحكومات الاردنية على نفسها ان تمنع السياحة الدينية الايرانية من القدوم على الاردن وهي تعلم ان الخير والنفع سيعود على الاردنيين من جرائها ؟ وأشير هنا الى أن الاردن لديه اجهزة امنية قادرة على ضبط الامور والسيطرة عليها والتعامل معها بطريقة حضارية تكفل الامن والامان للوافدين وللدولة الاردنية وفي جميع الظروف , لماذا لا ننفتح على هذا العرض الايراني وعلى اي عرض آخر فيه فائدة للوطن والشعب؟, لقد انفتحنا على اسرائيل ووقعنا معهم اتفاقية وادي عربة بحجة ان الوضع الاقتصادي الاردني سيتحسن وان معدل دخل الفرد الاردني سيقترب من معدل دخل الفرد الاسرائيلي ولكن ومع الاسف لم يحصل شيء من ذلك, بل تراجع المستوى المعيشي للمواطن ,وأخذت الطبقة الوسطى بالانصهار والتراجع !!!.

مرة اخرى اقول للحكومة لماذا لا تنفتح على هذا العرض وتأخذ ايجابياته ولا توافق على سلبياته ؟ علنا نخرج من هذه المحنة والضائقة التي نعيشها وانني استغرب على الحكومة كيف تسمح لنفسها ان تخفي مثل هذا العرض لعدة أشهر ولم تقوم بدراسته والتعامل معه بايجابية!!!! فقد كان أولى بها أن تقبل هذا العرض عوضا عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية وادخال الاردن في دوامة جديدة من الغضب والفقر, ويجب على الحكومة ان تعود من جديد وتلعب سياسة لأن السياسة هي استخدام فن الممكن وحكومتنا ومنذ فترة أوقفت هذا النوع من اللعب وذهبت الى تقديم التنازلات تلو التنازلات وبدون مقابل يذكر, وأخيرا فانني اتمنى ايضا ان يدغدغ هذا العرض ضمير الحلفاء عربا كانوا أم اجانب علهم يقدمون عرضا افضل من ذلك العرض وفي حال بقاء ضمير الحلفاء خارج التغطية فيجب على الحكومة أن تستعجل في عدم تضييع فرصة كسب هذا العرض لأن العروض عادة لا تكون مفتوحة.

وانني في النهاية اتقدم بالشكر الجزيل الى الجمهورية الايرانية على هذا الشعور الاسلامي النبيل بغض النظر وافقت عليه الحكومة او لم توافق لأن أي تحسن ملموس على موقف الحلفاء تجاه تقديم دعم للأردن سيكون هذا العرض هو السبب الرئيسي له.

سائلا العلي القدير ان يهدي ولاة أمرنا لما فيه خير الاردن وخير الشعب انه نعم المولى ونعم النصير.