دور الكرك القديمه وشم يزين جنبات قراها ..

لا زال العديد من قرى محافظة الكرك تحتفظ بين جنباتها بالابنية السكنية القديمة المبنية من الطين والحجر غير المشذب ، وقد ظلت مثل هذه الابنية شائعة في المحافظة حتى مابعد منتصف القرن الماضي بقليل حيث حلت مكانها الدور السكنية المبنية اما من الاسمنت الخالص او من الاسمنت والحجارة البيضاء المشذبة ، وفيما كانت الابنية القديمة تتشكل من طابق واحد ففي الابنية الحديثة تعددت الطوابق والعمارات المكونة من اكثر من شقة سكنية .

وللتعريف بابنية الكرك القديمة وهو واقع كان معاشا في مختلف قرانا الاردنية فان بناء البيت الكركي القديم كان كماذكرنا انفا من الطين والحجر غير المشذب ، كان اقامة الدار السكنية يبدأ بحفر اساسات لعمق بسيط تملء بالطين والحجارة ، ومن ثم تبدأ عملية البناء من مجموعة مداميك ويظل معلم البناء يرفع بجدران الدار من اربعة اطراف وصولا الى الارتفاع المطلوب لثلاثة الى اربعة امتار وقد يكون البناء لدار كبيرة متسعة وهذه تحتاج الى مايعرف بالقناطر التي يرتكز عليها سقف الدار ، وسعة الدار مرتبط بعدد القناطر فقد تكون الدار مشكلة من قنطرة او قنطرتين او ثلاث وربما اربعة قناطر في احيان محدودة ، وتعمل القنطرة من الحجارة والطين ومعلم البناء الماهر هو الاكفأ في "عقد" القناطر باعتبارها عنصر الامان الذي يحول دون سقوط سقف الدار ، وقد يكون البناء لاوضة (غرفة واحدة) وهذه لاتحتاج الى عمل قناطر بالنظر لمحدودية سعة السقف ، اما الدور المقنطرة فان اتساعها مرتبط بمكانة صاحبها الاجتماعية ، فالدار كلما كانت اوسع كلما كانت اكثر قدرة على استيعاب الضيوف .

سقف البناء يتكون من جذوع الاشجار والقصيب وشجيرات البلان والطين حيث ، توضع اولا جذوع الاشجار التي تمد بين القناطر وجداري البناء الجانبين ثم يوضع فوقها اعواد القصيب وفوقهما توضع شجيرات البلان وفوق ذلك كله يوضع الطين الممزوج بالتبن حتى يكون اكثر تماسكا .

بعد اتمام البناء تتم قصارته من الداخل بالطين وبعد ذلك تتم عملية تعرف ب"التجصيص" أي طلاء الجدران من الداخل بمادة الجص لتكسبها بياضا ناصعا ، وذلك بعد ان يتم تقسيم الدار من الداخل الى عدة مرافق مثل القطوع التي تستخدم للتخزين او لمبيت المواشي والدواب في ايام الشتاء ، والمصاطب التي تستخدم كغرف نوم لافراد العائلة ، ثم الكواير لتخزين الطحين والروايا لتخزين التبن وغلال القمح والشعير ، ولابد للدار طبعا من بوابة والتي تكون بارتفاع مترين وعرض اكثر من متر وتتكون البوابة من "الدواسة" أي درجة في اسفل البوابة وعتبه في اعلى البوابة وهي مكونه من حجر واحد مستطيل بعرض البوابة التي تعمل من الخشب بطريقة يدوية اما ارضية الدار فتتوسطها "الجورة" التي تعمل بعمق بسيط حيث تشعل فيها النار لتسخين القهوة والشاي حين الحاجة ولتدفئة سكان الدار في موسم الشتاء ، ولاغراض الانارة ودخول الشمس الى داخل الدار وللتهوية فتعمل " طاقة او طاقتين " وهما فتحتان صغيرتان ، اضافة الى فتحه في منتصف السقف احيانا وتغلق تلك الفتحات في موسم الامطار باية الية مناسبة .

ومن مرافق الدار الخارجية الحوش الذي يحوط بمساحة الارض المتوفرة امام الدار وتعمل حيطان اسواره من الحجارة والطين ، ويشمل الحوش بوابة من الخشب المصنع يدويا ايضا ، اضافة الى دورة مياه خارجية كانت تسمى "بيت الخارج" او "بيت الادب" ، ثم الطابون لتصنيع الخبز والزرب لتربية الدواجن والمذواد وهو موقع في احد جدران سور الحوش ويوضع فيه التبن وعلف الدواب من حمير وبغال ، اما الاغنام التي كانت تنام في الحوش فقد كان يوضع لها موائد خشبية تسمى مفردتها ب"الطوالة".

بعض الميسورين كان يضيفون للدار اوضه ملاصقة وتستخدم كغرفة نوم او مسكنا لمن يتزوج من ابناء الاسرة ، والى جانب الدار من الخارج كان يتم احيانا يقام مايعرف ب"الحمالة" وهي تستخدم لسهولة الارتقاء على سطح الدار و" لاخذ حمام شمسي للاسرة والمجاورين في احد ايام الشتاء المشمسة.

مايجدر الاشارة اليه ان الدور الكركية القديمة غالبا ماكانت تبنى متلاصقة دون احتساب الارتدادات المتعارف عليها اليوم بحيث يمكن التنقل بين اسطح بنايات قرية باكملها بيسر وسهولة ، مايعني العفوية والطيبة واللحمة والتكافل والتضامن بين سكانها.

بقايا الدور الكركية القديمة اخذة بالتلاشي دون التفاتة من احد للابقاء عليها لمدلولها الوجداني وقيمتها كمنتج يخدم اهدافا سياحية.