من وراء عرقلة الرقابة الدستورية على قانون المالكين والمستأجرين

يكاد يجمع رجال الفقه والقانون في الاردن بان بعض نصوص قانون المالكين والمستأجرين مخالفة للدستور وبالاخص تلك المواد الت تصادر حق المواطن الاردني في الوصول الى قاضيه الطبيعي وتحرمه من حق الطعن في الاحكام القضائية عن طريق الاستئناف ، حيث تقتصر تلك المواد درجة التقاضي على درجة واحدة في حين ان من المستقر عليه فقها وقضاء ليس في الاردن وانما في جميع دول العالم ان درجات التقاضي درجتين وليس درجة واحدة وهذا المبدأ مقرر بموجب المواد 1000 و103 من الدستور الاردني التي اعتبرت درجات المحاكم وانواعها وتشكيلها يتم بموجب قانون خاص وهو قانون تشكيل المحاكم الذي اعتبر درجات التقاضي في الاردن على درجتين .
وقد تنبهت الحكومة السابقة الى هذه المخالفة الدستورية واعترفت صراحة في اكثر من تصريح لرئيس الحكومة السابقة عن هذه المخالفة الجوهرية لمبادىء التنظيم القضائي في الاردن وسارعت الى تقديم مشروع الى مجلس النواب لتعديل القانون وتصويب تلك الاخطاء ، الا ان هناك قوى شد عكسي استطاعت عرقلة مسيرة تعديل القانون امام مجلس النواب من خلال تهريب النصاب عدة مرات مما ادى الى حل مجلس النواب دون اجراء التعديل المطلوب .
وقد تفائل الممواطنين عندما تدخل القضاء الاردني واعلن في قراره الشهير بطلان نص المادة 5 من قانون المالكين والمستأجرين ، التي تصادر حق الطعن في الاحكام القضائية ، لمخالفته لمبادىء التنظيم القضائي الاردني ومبادىء التنظيم القضائي في العالم وهو مبدأ منصوص عليه في قانون تشكيل المحاكم الذي صدر بمقتضى المواد 100 و103 من الدستور .
وقد تهافت المواطنون من خلال المحامين لتقديم طعون في الاحكام القضائية الصادرة بحقهم والتي كانت توصف باحكام مجحفة تتضمن تقديرات مبالغ بها لبدلات الايجار ، الا ان اجراءات النقل التي اتخذت بحق القاضي الذي اكتشف تلك المخالفة الدستورية واعلن بكل نزاهة وجرأءة عن هذه المخالفة الدستورية ، احدثت نوع من التخوف داخل الجهاز القضائي انعكس على الاحكام القضائية الت كانت ترفض الخوض في مدى دستورية نصوص قانون المالكين والمستأجرين .
وعاد التفائل اثر تشكيل المحكمة الدستورية بمباركة ودعم ملكي وحكومي وقد سارع المحامون لتقديم دفوع امام المحاكم لاحالتها للمحكمة الدستورية ، الا ان القرار القضائي الاخير الصادر عن محكمة التمييز ومع كل الاحترام والتقدير قد تصدى لتلك الدفوع الدستورية دون احالة الامر للمحكمة الدستورية صاحبة الاختصاص بحكم الدستور مما حال دون ان تتمكن المحكمة الدستورية من بسط رقابتها الدستورية على قانون المالكين والمستأجرين .