حملة العلاقات العامة التي تشنها الحكومة لن تطفئ غضب الأردنيين


شنت حكومة الدكتور عبد الله النسور حملة إعلامية واسعة وذلك في إطار سعيها لتسويق قراراتها وإجراءاتها الاقتصادية غير الموفقة وغير المناسبة لا مضمونا ولا توقيتا. وقد توجت هذه الحملة بتكثيف في إطلالات رئيس الوزراء والوزراء ومدراء الأجهزة الأمنية والأعيان ورؤساء وزراء سابقين وغيرهم .الحكومة الأردنية ممثلة برئيسها تعتقد بأنه يمكن أن توقف الاحتجاجات والمسيرات وتقنع المواطنين بسلامة وجودة قراراتها غير الجيدة عن طريق الحملات الإعلامية . صحيح أن لدينا مشكلة اقتصادية كبيرة وعجز مخيف في الموازنة الحكومية ومديونية مذهلة ، وصحيح أننا بحاجة لحلول ولكننا نعتقد أن القرارات المناسبة يجب أن تتلاءم مع المرحلة الزمنية الدقيقة التي يمر بها بلدنا ومع التحديات السياسية التي يواجهها. رئيس الوزراء البارع في تسويق قرارات حكومته والماهر في حسن التعبير وفصاحة الخطاب لم يكشف لنا عن شجاعته في خفض الموازنة الضخمة وغير المبررة للديوان الملكي . يتساءل العديد من الأردنيين عما إذا كانت إجراءات التقشف ستشمل مخصصات الملك الهائلة ومخصصات الأمراء والأميرات والشرفاء والشريفات، وكلفة القصور الملكية وإدامتها وتشغيلها وصيانتها؟ وهل إجراءات التقشف هي فقط تنطبق على الفقراء والمعوزين من الأردنيين في الوقت الذي لا يستشعر أولي الأمر وقادة الدولة الأردنية تأثيرات وتبعات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الأردن؟ هل فكر رئيس الوزراء بزيادة الرسوم والضرائب على الخمور والخمارات والنوادي والملاهي الليلية والسيارات الفارهة والكماليات ؟ وهل فكر في تحصيل المتأخرات من مئات الملايين من الضرائب المختلفة؟ هل فكر بفرض ضريبة الوطن على المغتربين الذين تعلموا واكتسبوا خبراتهم في الوطن واستفادوا من خدمات مؤسساته التعليمية والاجتماعية المختلفة وما زالوا يتمتعوا بهذه الخدمات التي تشمل أولادهم واستثماراتهم؟ وهل فكر الرئيس في تخفيض موازنة القوات المسلحة والدرك والمخابرات العامة والأمن العام إلى النصف علما بأن البلد ليس بحالة حرب تستأهل أكثر من ثلث نفقات الموازنة العامة الأردنية تذهب للإنفاق العسكري والأمني؟ هل فكر أولي الأمر في التوقف عن هبات القصور والفلل لرؤساء وزراء سابقين ووزراء حاليين وسابقين علما بان هؤلاء المستفيدين من الهبات ليسوا من الفقراء والمعوزين؟
الدكتور النسور يعتقد أن البراعة اللغوية وفصاحة اللسان والحملات الإعلامية يمكن أن تحل الأزمة وتمتص غضب الأردنيين . مخطئ الرئيس إذا اعتقد بأن إعادة نفس الموضوع أو الخطأ عدة مرات يجعل منه حقيقة صحيحة فالأردنيون متعلمون وواعون ويحللون ويعملون العقل فيما يسمعون ويرون ولا ينطلي عليهم الحذلقة والكلام العاطفي والحملات والظهور الإعلامي المكثف للرئيس والمسئولين .الأردنيون شبعوا كلاما ويريدون أفعالا فهم لا ينفعهم كلامك عندما يذهبون لمحطات الوقود لشراء المشتقات النفطية ولا يشفع حديثك لهم عندما يريدون دفع أثمان المواد التموينية أو رسوم الجامعات التي ستتأثر جميعها لاحقا بالإجراءات الاقتصادية القاسية التي فرضتها عليهم.
غضب الأردنيين لن يطفئه الكلام والفعل على الأرض هو الذي يخرجنا من هذه الأزمة وما لم تعد الحكومة عن إجراءاتها الأخيرة سيبقى الشارع ملتهبا وستتآكل هيبة الدولة . من شهد مسيرة الجامع الحسيني هذه الجمعة وسمع شعاراتها القوية التي تناولت شخص الملك ومؤسسة الديوان ودورها في الفساد يدرك تماما أن النسور أدخل البلاد في أزمة سياسية خانقة إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي نعاني أصلا منها. أما الملك فنقول له بأن الوضع أصبح خطيرا جدا وننصحه باستدراك ما يمكن استدراكه قبل فوات الأوان.