متى نهزم إسرائيل؟

لا يوجد أي مقارنة بين قدرات إسرائيل العسكرية وقدرات حماس، فأين من أين! ومع هذا، ثمة نوع من التوازن المحير بين القوتين، تبدو معها مناجزة إسرائيل وهزيمتها أمرا قريبا وممكنا، والشواهد كثيرة!
أولا/ شنت إسرائيل أكثر من 830 غارة على غزة منذ بدء عملية (عمود السحاب)»، فيما اطلق مجاهدو غزة أكثر من 350 صاروخا ضمن عملية (حجارة السجيل) ومع الأخذ بعين الاعتبار جملة من الاعتبارات، أهمها أن إسرائيل تحظى بدعم غير محدود من أقوى امبراطورية في التاريخ، وتمول تسليحها بشكل كامل، وبأحدث وأعقد الأسلحة، وأكثرها تطورا وفتكا وإجراما، كما تحظى إسرائيل بدعم «سلبي» من العرب (نستثني بعضهم!)، عبر سكوتهم عن عدوانها وربما تسهيل مهمتها، وملاحقة المجاهدين الذين تحدثهم أنفسهم بتحرير فلسطين، كما تحظى إسرائيل بدعم جيوسياسي فريد، محلي ودولي، ولديها جالية يهودية تغدق عليها من سعة، أما حماس وغزة، فقل عنهما ما شئت من عيش ضيق وحصار ذوي القربى والبعدى، فضلا عن احتلال الجو والبحر من قبل العدو، ووقوعهما تحت تأثير أضخم عملية مراقبة في التاريخ، فضلا عن الجواسيس والمتواطئين والمخذلين، ومع كل هذا، تتمكن هذه القوة التي يكاد يتخطفها العالم من إطلاق صواريخ يزيد عن نصف هجمات العدو!
ثانيا/ اليهود وكثير من العرب والعجم، ومنهم زعماء فلسطينيون، كلهم سخروا من صواريخ حماس، وسموها مواسير وأوكزوزتات، وسخفوا من قدراتها، ومع هذا تمكنت هذه المواسير من بث الرعب في قلوب أكثر من مليون مستعمر صهيوني، وألجأتهم للمبيت تحت الأرض كالجرذان، ليس هذا فقط، بل تمكنت صواريخ «الحدادين» من الوصول تل أبيب والقدس، وهو أمر أصاب العدو بنوع من الهستيريا والاهانة، بل تمكن المحاصَرون من إسقاط طائرة للعدو، تحفظت حماس فيما بعد عن الإعلان عن تفاصيلها، فيما بدا أنها محاولة للتكتم على أسر طيارين أو طيار من طاقمها، كل هذا، فيما تعجز قوات عربية تصرف المليارات على تسليحها، وربما تفقر شعوبها بهذه الحجة، ولا تستطيع وخز جندي يهودي بشوكة!
ثالثا/ إطلالة سريعة على ما يدور داخل إسرائيل، ووسط نخبها الحاكمة، بعيون صحافتها، تظهر للعيان، مدى حالة الاضطراب التي يعيشها الصهاينة، مثلا: حركة الفلسطينيين الداخلين لغزة الآن تزداد، في حين أن القطارات لا تنفك عن المستوطنين الفارين من جنوب فلسطين إلى شمالها بحثاً عن «الأمن»/ مراسل إذاعة محلية يتساءل: هل كانت حكومة نتنياهو تعلم بوجود صواريخ بعيدة المدى لدى غزة؟ الواقع يؤكد بأن استخباراتنا تلقت صفعة موجعة نتيجة لفشلها/ خبراء عسكريون يهود: دخول الجيش الاسرائيلي إلى غزة يعني خسائر فادحة بشرية ومادية في صفوفه، يجب إيقاف الحملة لانها لن تحقق أهدافها/ إذاعة الجيش: نتنياهو «يشتكي» لدى أوباما بعد صدمته من وصول الصواريخ إلى القدس وتل أبيب، نريد إيقاف هذه الحرب، دع حماس توقف إطلاق الصواريخ، وواشنطن تجري اتصالات مكثفة مع الاردن ومصر للضغط على حماس لكي توقف (عدوانها على إسرائيل!)، والاخيرة تريد الخروج من الحرب بأي ثمن!!
أخيرا..
إن كانت ثلة قليلة مؤمنة بقضيتها، مخلصة في عملها تستطيع أن تؤذي إسرائيل، وتسبب لها صداعا دائما، وتبعث الهلع في نفوس سكانها، بأسلحة بدائية يصنعها حدادون وميكانيكية، فلم يقولون أننا لا قبل لنا بها؟ أهم يسخرون من الأمة، أم هم جزء من مشروعها؟