فعاليات سياسية أم إجرامية
من يقول في الأردن بإسقاط النظام يقصد في الواقع إسقاط الدولة الأردنية. وإذا كان هناك تمييز واضح بين الدولة والنظام في بلد كمصر ، حيث يمكن أن يسقط النظام وتصمد الدولة ، فإن بين الدولة والنظام في الاردن تماهياً عضوياً ، فقد بدآ معاً ويعيشان معاً.
أحداث الأيام الأخيرة أكدت ثنائية القوة السياسية في البلد ، فالصراع والتناقض باتا واضحين بين الدولة الأردنية كما عرفناها ، وبين الإمارة التي يريد البعض إقامتها على إنقاض الدولة الأردنية.
صحيح أن هناك قوة ثالثة قومية ويسارية ولكنها للأسف ما زالت ضعيفة ، وقد ارتضت في وقت من الأوقات أن تكون ملحقة كتابع للإخوان . والأحداث تتسارع بحيث لن تعطي هذا الطرف الثالث وقتاً للتحول إلى قوة يحسب لها حساب ، وتضمن التوازن ، وتستحق أن تكون شريكاً حقيقياً في صنع القرار وبناء المستقبل.
لم يعد هناك مكان للأغلبية الصامتة ، فقد انتهى وقت الصمت ، والمواطن الأردني لا يملك ترف الانتظار والتردد ، فإما الاستقرار والأمن مع الدولة والنظام ، وإما القفز إلى المجهول الذي لم يعد مجهولاً تماماً بعد أن قفز أصحابه إلى السلطة في أكثر من بلد عربي ، واتضحت ممارساته في مصر وليبيا ، وما يخطط له في تونس ، وما فعله بالامس في اليمن ، وما يفعله اليوم في سوريا ، وما يتطلع لفعله في الأردن ، مما رأينا نماذج له في الأيام والليالي القليلة الماضية.
الخيار الآن أيها الأردنيون بين الأردن الذي عرفتموه ، بلد الأمن والاستقرار ، وبين أردن تحت حكم شمولي ظلامي وتكفيري.
العنف الذي مارسه الإخوان مباشرة أو من خلال متعاونين معهم ، بما في ذلك حرق المراكز الحكومية وتكسير سيارات الإسعاف والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة ليس من الوسائل الديمقراطية المعمول بها لتحقيق أهداف سياسية مشروعة ، هذه الممارسات تمثل انقلاباً على الدستور والقانون والسلطة الشرعية ، ولا يحق لها أن تعامل بالامن الناعم المكرس لخدمة الوسائل الديمقارطية ، أما أعمال العنف وقطع الطرق وإغلاق الميادين وحرق المؤسسات ونهب البنوك ، فهذه ليست أعمالاً سياسية بل إجرامية ، ويجب أن يعامل القائمون بها والمحرضون عليها على هذا الأساس.
نرجو أن لا يكون الإخوان هم الذين ارتكبوا أعمال العنف أو حرضوا عليه أو باركوه وفي هذه الحالة عليهم أن يرفضوه ويدينوه علناً ، لا أن ينظموا المزيد من المسيرات والإضرابات لتوفير المناخ الملائم لهذا العنف والخروج على القانون.