خبراء: المقاومة فاجأت الاحتلال في ردها القوي على اغتيال الجعبري

فوجئت الدولة العبرية بالرد العنيف والكبير للمقاومة الفلسطينية على اغتيال نائب القائد العام لـ"كتائب القسام" أحمد الجعبري في قصف سيارته مساء الاربعاء، حيث تجاوز ذلك الرد عددا من الخطوط الحمراء، لتصل صواريخ المقاومة إلى أماكن لم تصلها من قبل.
فالتسريبات التي كانت تتحدث عن امتلاك المقاومة الفلسطينية لصواريخ "فجر 5" وأخرى متوسطة وبعيدة المدى، ممكن أن تصل إلى مدينة "تل ابيب"، تأكدت لا سيما حينما استخدمتها المقاومة وأطلقتها باتجاه تلك المناطق. بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك، حينما استخدمت المقاومة صواريخ "أرض جو" فيما جرى الحديث موسعا عن إصابة طائرة حربية إسرائيلية وإسقاط أخرى.
فمنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية ضد غزة، فاجأت المقاومة الفلسطينية عدوها، بوصول صواريخ "جراد" الروسية الصنع إلى منطقة "ريش ليتسيون" إحدى ضواحي "تل ابيب"، وكذلك قصف كافة المدن والبلدات الفلسطينية المحتلة، التي تبعد عن غزة خمسة وأربعين كيلو مترا مثل "بئر السبع" و"سدود" و"عسقلان" و"افكيم" بما فيها قاعدة "حتسريم" الجوية وغيرها من المناطق.
وكان لاستخدام صاروخ "أرض جو" لأول مرة في استهداف طائرة حربية اسرائيلية من نوع "إف 16" واسقاطها، واستخدام صاروخ "كورنيت" المضاد للدروع الذي يصيب الهدف على بعد 8 كيلومترات، وصاروخ القسام المطور "إم 75"، أثر الصدمة والذهول في القادة العسكريين والسياسيين في "إسرائيل"؛ ما دفع بعضهم إلى الحديث عن "الغرق في مستنقع غزة".
قفزة نوعية
وأكد الدكتور عدنان أبو عامر الباحث والمختص في الشؤون الإسرائيلية أن هناك قفزة نوعية في قدرات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي.
وقال ابو عامر كان واضحا "أن المقاومة كانت تمتلك هذه القدرات، وبحجم تفاجأ المقاومة بعملية اغتيال الشهيد أحمد الجعبري، تفاجأت إسرائيل بصواريخ المقاومة"، مشيرا إلى أن "فصائل المقاومة الفلسطينية وسعت دائرة التوجه العسكري الميداني والجغرافي، كما وسع الاحتلال دائرته بشكل رأسي باغتيالها للقائد الشهيد الجعبرى" -على حد قوله-.
وأوضح أن هناك حالة غير مسبوقة من قدرة المقاومة الفلسطينية على توجيه ضربات مؤلمة لـ"إسرائيل" من الناحيتين العسكرية، من خلال اطلاق الصواريخ وإسقاط لطائرات الاستطلاع وغيرها، والداخلية وهي الجبهة الداخلية للمستوطنات الجنوبية والوسط في "اسرائيل".
وبين ابو عامر أن "هذا التقدم  للمقاومة دفع اسرائيل إلى إرسال رسائل تمهيدية، مفادها أننا قد نصاب بضربات من الفلسطينيين، وقد نستهدف ببعض الاضرار البالغة ردا على مقتل الاسرائيليين الثلاثة".
الحرب البرية
وأشار الباحث الفلسطيني إلى أن الاسرائيليين يعتقدون أن المقاومة لديها من القدرات العسكرية الفائقة، مما يعزز من احتمالية التورط في قطاع غزة في حال بدأت حرب برية.
وأشار ابو عامر الى ان الساعات القليلة القادمة ستشهد تصعيدا إسرائيليا كبيرا، ولكن من خلال القصف الجوي وبصورة غير مسبوقة، "وستبقى اسرائيل تستنزف قدرة سلاح الجو والطيران بشكل جنوني وغير مسبوق حتى لو لم تكن هناك أهداف محددة بعينها".  
وتابع: "إذا لم تؤثر الضربات الجوية في المقاومة، فيمكن أن تتورط إسرائيل بعملية برية ولكنها لن تكون كبيرة جدا كما حدث فى الحرب السابقة، والإسرائيليون لا يحتملون مشهد عودة توابيت سوداء فيها نعوش جنودهم قتلى" -على حد قوله-.
ومن جهته، أكد الخبير العسكري المصري اللواء طلعت مسلّم أن ردود فعل المقاومة الفلسطينية في غزة على العدوان الإسرائيلي أبرزت أن المقاومة طورت وسائلها، وأنها تمتلك من الآليات ما يمكنها من توجيه ضربات موجعة للاحتلال تضطره إلى البحث عن تهدئة.
واستبعد مسلم امكانية التوصل إلى تهدئة في الوقت الراهن، وأنحى باللائمة في ذلك على غياب الوسيط، وقال: "لا شك في أن رد فعل المقاومة الفلسطينية في غزة وإطلاقها صواريخ وصلت لأول مرة إلى تل أبيب، وإلى الكنيست الإسرائيلي، تؤكد أن المقاومة طورت وسائلها وأنها قادرة على التأثير في العدو بشكل مختلف عن المراحل السابقة، لكنها لم تصل بعد إلى المرحلة التي تستطيع فيها قلب المعادلة على العدو بفعل الفارق في الامكانيات وفي العتاد بين الاحتلال والمقاومة، ولأن الاحتلال يمتلك من القدرات التدميرية ما يفوق من الناحية المادية على امكانيات المقاومة، لكن مع ذلك يبقى الأمر متوقفا على مدى قدرة إسرائيل على تحمل الخسائر".

نتنياهو يدفع ثمنا باهظا
وأضاف مسلم: "من الواضح الآن أن نتنياهو مصمم على دفع ثمن باهظ، وأنه مستمر في عدوانه على غزة لتوجيه ضربة للمقاومة، وفرص التهدئة لا تبدو قوية؛ بسبب غياب الطرف الوسيط، إذ إن مصر إلى الآن لم تستطع أن تحقق شيئا في هذا السياق".
وعن الخيارات المتاحة أمام المقاومة لمواجهة العدوان، قال الخبير العسكري المصري: "لابد من أن تكون المقاومة مستعدة للدفاع عن نفسها؛ لأن هناك احتمالات بغزو بري، ولذلك فالمطلوب منها أن تجمع قواها وتحشد جهودها في اتجاه مواجهة العدو، وأن تستهدف في ضربات مؤسسات حساسة كشبكة الكهرباء أو المياه أو الاتصالات لتوجه ضربة موجعة للاحتلال، تجبره على التراجع والبحث عن التهدئة المتوازنة" -على حد تعبيره-.
وكان وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلي آفي ديختر اعترف أن ليلة الخميس كانت قاسية جدا على دولة "إسرائيل"؛ نتيجة قصف المقاومة الفلسطينية البلدات والمدن الإسرائيلية.
وأضاف: "إن إسرائيل لم تعش بهذه الحالة من الرعب منذ إقامة الدولة".