هل الدينار الأردني في خطر

بقلم جمانة غنيمات - لم يكن الدينار في خطر قبل قرار رفع الأسعار، وكل الحديث الحكومي عن الضغوط التي يواجهها سعر صرف الدينار مبالغ فيها والخوف من عودة سيناريو الـ 89 غير واردة.

الرأي السابق ليس انطباعيا أو سياسيا، بل هو قائم على أرقام تتعلق بقيمة الاحتياطي الأجنبي المتوفر اليوم لدى البنك المركزي وعناصر أخرى، والذي ثبتت قيمته خلال الأشهر الثلاثة الماضية، عند حدود 7 مليار دولار.

المسؤولون حاولوا تذكير الأردنيين بأجواء الـ 89 وإسقاطها على الوقت الراهن، لكنهم تناسوا أن البنك المركزي في تلك الحقبة لم يكن يملك دولارا واحدا، وأن المديونية الخارجية بلغت في حينه نحو 220 % من الناتج المحلي الإجمالي.

أما الآن فالوضع على سوئه لا يبلغ تلك المستويات؛ حيث بلغ الدين العام الخارجي حتى نهاية آب (أغسطس) الماضي 4.7 مليار دينار، مشكلا ما نسبته 21.5 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2012.

وبلغ إجمالي الدين العام 15.7 مليار، مشكلا ما نسبته 70.8 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2012، والبالغ 22 مليار دينار.

والاحتياطي المتوفر لدى المركزي، قادر على تغطية المستوردات لمدة آمنة ضمن المعايير الدولية المعتمدة، والبالغة 3 أشهر وعشرين يوما، والأردن ما يزال قادرا على الوفاء بهذا المعيار؛ حيث يكفي احتياطي المركزي لتغطية مستوردات المملكة مدة 4 أشهر، في وقت تقدر الفاتورة الشهرية للمستوردات الأردنية بحوالي 1.2 مليار تقريبا.

ورغم ارتفاع فاتورة الطاقة بشكل غير عادي، نتيجة انقطاع الغاز المصري والاعتماد على الوقود الثقيل كبديل مرتفع الثمن، بلغ إجمالي مستوردات فاتورة الطاقة 3.5 مليار دينار خلال الفترة كانون الثاني – آب بمتوسط 437 مليون دينار شهريا.

عامل الطمأنينة الثاني حول مستقبل الدينار، مرتبط بقيمة العملات الأجنبية الموجودة لدى البنوك المحلية، والتي تقدرها البيانات الرسمية بحوالي 10 مليارات دولار، ما يعني أن حجم المتاح من العملات الصعبة يصل 17 مليار دولار، تدعم مركز الدينار، كعملة مربوطة بالدولار.

وأهمية العملات الصعبة الموجودة لدى البنوك العاملة في الأردن تنبع من كونها قادرة على تمويل احتياجات القطاع الخاص من العملات بشكل مريح جدا، ويبقي البنوك قادرة على توفير طلب عملائها من القطاع الخاص من العملات الأجنبية.

وتجاهل تأثير المتوفر من العملات الأجنبية لدى البنوك من الحسبة عند الحديث عن قوة الدينار سلوك فيه نظرة قاصرة ومجزوءة وضيقة، لأن فيه إخفاء لجزء من الحقيقة، بهدف خلق حالة هلع، وللأمانة نجحت الحكومة بذلك.

عناصر الأمان الأخرى التي لم يتحدث بها مسؤول رسمي، تتعلق برصيد المركزي من الذهب، والذي تقارب قيمته المليار دولار، وهذه تضاف إلى عوامل الثقة بالدينار. 

لا يحدث في بلد يدرك مسؤولوه خطورة المس بالاستقرار النقدي، أن يقدم المسؤولون على التشكيك بقدرة العملة الوطنية، إلا في الأردن؛ إذ يسعى المسؤولون لإضعاف العملة، وخلق أجواء سلبية، لغاية في نفس يعقوب!.

ففي كل الدنيا يسعى الاقتصاديون لتقوية الثقة بعملاتهم لا تقليلها، فلماذا تكون الأمور لدينا دائما بالعكس؟

ثمة معطيات تنسف الحديث غير العملي، والدينار ليس بخطر وكل ما هو مطلوب استعادة الثقة بالاقتصاد، لا إضعافها.

جمانة غنيمات * الغد