لا خلاف على ان الحكومات المتعاقبة في الاردن كانت تترجم وتنفذ نهجاً معروفاً مرتبطاً بنصائح وإملاءات البنك وصندوق النقد الدوليين, وهي المسؤولة عن كل ما تراكم من فساد وافقار الطبقات الشعبية ومهازل الانتخابات وقوانينها. وعن معاهدة وادي عربة نصاً وروحاً... ألخ ولا يجوز تحميل الناس مسؤولية ذلك.
ولاخلاف على ان العدو الصهيوني ينتظر اية فرصة للاعتداءات الاجرامية الارهابية على غزة وأية بقعة من أرض فلسطين والأمة, والحاق المزيد واخضاع المزيد من العرب لسيطرته ومصالحه...
ولا خلاف على حق الناس في تغيير هذه السياسات من جذورها وفي حق الفلسطينيين في المقاومة وخاصة المقاومة العسكرية, فالدبلوماسية لم تحرر وطناً واحداً محتلاً...
بيد ان تشخيص الحالة لا يستدعي كارت بلانش وضوءاً أخضر للرد كيفما اتفق لا سيما في غياب أو ضعف جبهة قوية لليسار والقوميين والوطنيين الذين لا يرتبطون بأجندة إمبريالية ورجعية وصهيونية وظلامية...
وحتى نحافظ على الحق الشعبي في التغيير والحق الفلسطيني في المقاومة من دون توظيفات خارجية مشبوهة, لا بد ان نلحظ ما يلي:
1- ابتداء من العدوان الصهيوني على غزة, ثمة اهداف غير منظورة لهذا العدوان, من انتخابات الكنيست, الى اختيار القدرة الصاروخية للمقاومة ارتباطاً بأية احتمالات لاحقة للعدوان على ايران وحزب الله وسورية, الى اختبار موقف حماس تحديداً من هذه المسألة, وكذلك اختبار امريكي بالوكالة عبر العدو, لمدى التزام جماعات الاسلام السياسي الامريكي باتفاقاتها مع الامريكيين مقابل سرقة الحراك الشعبي وتوظيفه لتسليم السلطة لهذه الجماعات.
ومن المؤسف القول ان خطاب محمد مرسي أكد هذا الالتزام برفضه قطع العلاقات مع العدو وباستخدامه وجماعة مؤنس لعبارات مشبوهة مثل عدوان غير مقبول وغير مبرر... الخ.
كما ان الجهاد الاسلامي وليس حماس هي التي قصفت تل ابيب بما يحمله ذلك من رسالة متعجله لحزب الله وسورية وإيران.
2- لا يمكن النظر الى ما جرى أردنياً وفلسطينياً بمعزل عن الأزمة السورية وخاصة بعد قيام الامريكيين بإعادة تشكيل مجلس اسطنبول. فرغم من الاصوات العالية في التشكيل الجديد التي تدعو لتنحي الأسد الا ان المناخات العامة تذهب الى ترتيبات دولية - اقليمية مختلفة تحتاج الى الضغط على الأسد وليس تنحيته.
تسليم كل من تركيا واسرائيل شريط القرى الحدودية للجماعات الارهابية في المعارضة السورية, والمفاوضة عليها امريكيا واقليميا (مع اسرائيل وتركيا).
والمهم هنا, انه يمكن القول ان هذا الاطار المتوقع للملف السوري في ضوء الموقف الروسي وتماسك الجيش السوري ومؤشرات التصدع التركي - يعني فتح ملفات بديلة والذهاب الى الهدف الحقيقي مباشرة وليس عبر اسقاط سورية..
ومن هذه الملفات توظيف الحراك الشعبي لتهيئة الاردن والاراضي الفلسطينية لمشروع البنيلوكس (مركز اسرائيلي ومحيط اردني - فلسطيني) سواء عبر القوى التقليدية او عبر جماعات الاسلام الامريكي وتحالفاتها مع جماعات الا نجؤز وثوار آخر زمن الذين جرى اعدادهم في المراكز والمؤسسات الامريكية والفرنسية والعبرية والبريطانية.
3- وفي كل الاحوال فان الشارع الفلسطيني في غزة والضفة مطالب بالتمسك بالمقاومة ونبذ أوهام التسوية وقواها واليقظة ازاء محاولات توظيفه سواء من جماعات السلام المزعوم أومن جماعات فتوى الهدنة الطويلة (ابن باز وخالد مشعل) كما ان على الشارع الاردني ان يبلور تياراً ثالثاً يحافظ على الحراك الشعبي في مواجهة الفساد ومن أجل الديمقراطية ويكون مستقلاً كل الاستقلال عن جماعات الاسلام الامريكي .