رفع الأسعار

أساءت الحكومة لنفسها وللجمهور برفع أسعار المحروقات في هذا الوقت بالذات، فالناس يشكون ارتفاع الأسعار أصلاً، ويطالبون بإعادة النظر في أسعار المحروقات والغذاء والدواء والمياه والكهرباء؛ لعدم قدرتهم على تحمل أسعارها من خلال رواتبهم الضئيلة غير الكافية لمتطلبات المعيشة المتوسطة.
وقد أخبرني موظف راتبه 300 دينار شهرياً أنه وزملاءه الذين يتساوون معه في الراتب حسبوا قيمة احتياجاتهم الضرورية، فوجدوا أنه يلزمهم 600 دينار لتلبيتها، وهم يعيشون على أقل من الكفاف، ويستدينون ليتمكنوا من تلبية الاحتياجات الضرورية لعائلاتهم.
وقد فوجئ الناس بقرار رفع الأسعار في هذا الوقت غير المناسب، مما أدى إلى ما حدث ليلة 13/11/2012 فلم يكد رئيس الوزراء ينهي اعلانه برفع الأسعار حتى احتشدت الميادين في عمان واربد والكرك ومعان والطفيلة وغيرها من المدن والقرى بالمظاهرات والاعتصامات -المطالبة بإقالة الحكومة وإلغاء قرار رفع الأسعار، بل إن بعض المطالبات ارتفعت عن سقف هذه المطالبات لتطال النظام نفسه.
وإن دل هذا على شيء فهو يدل على أن الحكومات المتعاقبة من هذا المنوال الذي اعتاد النظام تشكيلها من أشخاص لا يعرفون شيئاً عن نبض الشارع واحتياجاته وتطلعاته، قد أفلست ولم تعد قادرة على الحكم وعلى إرضاء الناس، وأصبح من الواجب القيام بإصلاح جذري يعتمد على تشكيل حكومة وحدة وطنية من الأحزاب المعارضة والنقابات والشخصيات الوطنية، تتولى وضع قانون مؤقت لانتخابات لا تعتمد «الصوت الواحد»، بل القائمة النسبية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساسه، وعلى أن ينشأ عنها حكومة جديدة من الناجحين في الانتخابات تتولى حكم البلد، وتلبي مطالب الناس واحتياجاتهم، تقوم بالإصلاح المطلوب القائم على تغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما وضعتها أحزاب المعارضة والنقابات في مذكرتها المقدمة للمسؤولين، وبذلك نكون قد سلكنا الطريق السليم لإحراز نقله نوعية تعيد للبلد الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأقوم.