يا للخسارة مات حصانه من قلة الأكل!

يروى أن فلاحا بسيطا كان لديه حصان قوي ونشيط، فرأى في محاولة منه للتوفير وتقليل النفقات، وبالنظر إلى قوة تحمل حصانه، أن يقلل كمية الطعام اليومية التي يقدمها إليه وبالتدريج.
وفعلا، أخذ الفلاح يقلل كميات الطعام عن حصانه القوي شيئا فشيئا، ويوما بعد يوم، حتى هلك حصانه القوي من قلة الأكل.
فقال الناس بصوت نادم ومتحسر على ما فعل: «يا للخسارة مات حصانه من قلة الأكل!»، لكن هيهات أن ينفع الندم.
هل من الممكن مقارنة القصة مع ما يجري على أرض الواقع؟
وفي محاولة للتشاطر على المواطن، أكد الرئيس النسور أن حكومته ستقوم بتعويض المستحقين للدعم بقيمة أكبر مما كانوا يحصلون عليه قبل رفع الدعم عن المحروقات، وعاد ليتشاطر مجددا ليقول إن عددا كبيرا من المواطنين سيستفيدون من رفع الأسعار.
لكن سرعان ما تراجع النسور وأخذ يفكر كما فعل صاحبنا الفلاح، وفي محاولة أيضا لتقليل النفقات، كيف يمكن أن يقلل من قيمة الدعم المقدمة للمواطن شيئا فشيئا؛ ليوفر ما يستطيع من قوت المواطن لسد عجز الموازنة، على رأي المثل «أخذ الكثير وأعطى القليل»؛ ظنا منه أن المواطن جمل المحامل، ويستطيع شد الأحزمة أكثر، وأنه لن يهلك، بالتالي لو قللنا قيمة الدعم المقدم إليه.
مشروع رفع الدعم عن السلع والمواد وتوجيهه نقدا للمستحقين، باستثناء الأغنياء والأجانب «بفكرته الحقيقية»، أُريد منه أن يكون عونا للمواطن والحكومة في الوقت ذاته، وذلك من خلال أخذ الحكومة جزءاً من الدعم الذي تقدمه للغني والأجنبي الوافد، وتعيد توجيهه إلى الفقراء والطبقة الوسطى، وتوفر جزءاً آخر منه لخزينة الدولة من دون المساس بالدعم المقدم للمواطن.
بيد أن ما حصل هو التحايل على الفكرة من خلال التشاطر على المواطن؛ وذلك بأخذ جزء من الدعم المقدم إليه، وإرساله إلى خزينة الدولة، وإعطائه جزءاً بسيطا يسد رمقه ويبقيه على قيد الحياة.
لكن أخشى ما أخشاه أن يهلك من قلة الأكل، ومن قلة الدعم على غرار الحصان. ونقول حينها: «يا للخسارة! مات من قلة الدعم».