إنها المؤامرة على الوطن

هذا التفسير الذي يريح؛"مؤامرة"تشترك فيها قوى محلية مع قوى إقليمية ودولية. الذين تحركوا في عمان والرمثا وإربد والكرك وذيبان ومعان.. استدرجوا بحسن نية إلى فخ أعد بإحكام، والخاسر هو الوطن والمواطن.إنهم يريدون ضرب الدولة الأردنية برموزها تمهيدا لتمرير خطة الوطن البديل. ويأتي ذلك بعد استكمال المؤامرة في الشقيقة سورية ودول الخريف العربي. الخيط الناظم لحبات المؤامرة التي أعدت في واشنطن وتل أبيب هم الإخوان المسلمون الذين أفلسوا شعبيا، وعزلهم الشعب بالتسجيل للانتخابات التي بلغت نسبة التسجيل فيها في معان 110 %، والتي تُظهر استطلاعات الرأي أنها ستكون الأكثر مشاركة ونزاهة وشفافية، وستولد من رحمها للمرة الأولى حكومات نيابية، تبعث الركن الأول في الدستور "نظام الحكم نيابي ملكي".لم تتكشف حقيقة المؤامرة كاملة؛ فعرب الخليج يقطعون النفط، ومصر الإخوان المسلمين تقطع الغاز، والأميركيون والغرب يتآمرون آناء الليل وأطراف النهار. ذلك كله إن كانت الصين الشعبية لا تصمد في وجهه، إلا أن يقظة الأجهزة الأمنية، وحكمة الحكومة، ووعي المواطن، جعلت الأردن، وهو في حجم بعض الورد، يصمد بملحمية أمام المؤامرة، ويئدها في مهدها.هل يكفي ما سبق؟ قطعا لا. ولكنها عناوين قبل الولوج إلى أسئلة بسيطة لم أجد إجابة شافية عنها: لماذا تضرب الأزمات الاقتصادية الولايات المتحدة ودولة العدو، ودول الغرب عموما؟ ولماذا ينساق مواطنو تلك الدول وراء دعوات الاحتجاج؟ ولماذا يحق لمعارضات تلك الدول اللعب على وتر الأزمات الاقتصادية؟ وفي دول العالم الثالث، وفي عز الدكتاتورية، ألم تحرك تلك الأزمات الجماهير؟لماذا لا نتعلم من العالم البعيد والقريب؟ في درس 1989 ولدت الديمقراطية من رحم أزمة اقتصادية. في نيسان من ذلك العام تحرك سائقو السيارت العمومية في معان احتجاجا بدافع لقمة العيش، ولم يخطر ببالهم أنهم سيحدثون تحولا ديمقراطيا تاريخيا. إنني بأثر رجعي أشكر الجهة التي تآمرت علينا في ذلك العام، وأنتجت مجلس النواب الحادي عشر، والذي أنتج ثاني حكومة نيابية بعد حكومة سليمان النابلسي. في ذلك المجلس ولد برنامج التصحيح الاقتصادي في عهد حكومات يمنحها الإخوان المسلمون الثقة، وتشارك فيها قوى يسارية وقومية.سؤال آخر: لو أن أي حكومة اتخذت القرار ذاته في ظل توافق على قانون انتخاب معقول؛ سواء ما تقدمت به لجنة الإصلاح أو بالعودة إلى الأصل الدستوري المعروف بقانون 1989 أو بقانون الصوتين، هل كنا نشهد هذا الحشد الغاضب؟سؤال أخير: لا أفهم كيف يتآمر العالم علينا والبلد تأسس من أول موازنة له بمعونة بريطانية بقيمة خمسة آلاف جنيه بريطاني، وإلى اليوم لا تصدر موازنة بدون مساعدات خارجية أميركية أو غربية أو يابانية أو خليجية؟إن المؤامرة الحقيقية هي في الفشل الذريع في إدارة الدولة، بمواردها المادية والبشرية. إن ما أنفق على هذا البلد من مساعدات ومنح كفيل بجعلنا نقف على أرجلنا ولا نحتاج مساعدة من أحد.لكن البحث في المؤامرة الحقيقية سيصدع الرؤوس، والأريح الاكتفاء بالحديث عن المؤامرة الخارجية.