أيها الأردنيون .. صبرٌ جميلٌ واللهُ المُستعان !



الحمد لله الدائم برّه ، الواجب شكره ، النافذ أمره ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين ، وخير خلقه أجمعين ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ..
وبعد ..
فمؤلمٌ ما نراه -الآن - ونسمعه ..
موجعٌ ما يجري في وطننا ( الأردن ) - حفظه الله - من التخريب ، وانقداح شرر الفتن هنا وهناك ...
ليس فينا من ينكر انعكاسات القرار الحكومي - المتعلق برفع الأسعار - على معيشة المسلم الفقير في بلدنا ؛ وكم تمنينا - ولا زلنا نتمنى - أن يكون هناك مخارج أخرى للأزمة الاقتصاديّة ..
وأياً كانت الأسباب التي (أوصلتنا ) لهذه الحالة الحرجة و الحسّاسة - من الذنوب والمعاصي ،و الفساد بكل أشكاله وأنواعه ، وتخلي ( الدول الشقيقة المسلمة !) ،إلى غير ذلك ... - فقد صدر القرار برفع الأسعار ، ثم كانت ردود الفعل من ( البعض !) على نحو مثير .. للخوف ، والاستغراب ، والقلق :
- اطلاق نار على رجال أمن،وإشهار السلاح ..
- حرق وتكسير مؤسسات ودوائر حكوميّة ..
- اعتداء على مراكز أمنية ..
- اعتداء على بيوت بعض المسؤولين في الدولة ..
- إغلاق طرقات وشوارع ..
- ومن المنتهزين والمنحرفين : شيء من النهب والسرقات ..
- ومن بعض الأحزاب والجماعات والنقابات : مسيرات ومظاهرات وإضرابات ..
- وتعليق للدراسة في بعض المعاهد والجامعات ..
كلّ هذا رفض لقرارات الحكومة والإجراءات ..
لن نخوض في ( كيف يحصل هذا في الأردن المفتخر بأمنه ) ، ولا في ( مَن يصدر هذا منه ! ) ، ولا في ( من يحرّك الأمور باتجاه الأزمة !) ، ولا في ( من يجرّ الفتنة إلى الأمة !)
لكنّ السؤال : ( كلّ هذا! ) .. هل يُصلح لنا من الأمر شيئاً ؟ هل يغني عنّا من الفقر شيئاً ؟
بل .. ماذا سنجني من وراء - أو بعد - هذه الأفعال ؟ وما الذي يتوقع العاقل حدوثه - نتيجة - لهذه التصرفات ؟
من يرى ( كلّ هذا ) حلّاً اضطرارياً لردّ الظلم ، أو استرداد الحقوق فلا نوافقه ؛ فإنه يخالف المنطق والعقل والشرع ..
فليس التخريب والتكسير والإحراق إصلاحاً ..! ، ولا إشهار السلاح بين الأخوة يُحقّ حقّاً .. ، ولا قطع الطريق فيه مصلحة أو فائدة .. ! ، ولا .. ، ولا ..
واللهِ .. ليس غير الفتنة والدمار ، وضياع الأمن والاستقرار - لا قدّر الله العزيز الغفار - ؛ حينئذ ..
لن ينفعنا ( خفض الأسعار ) - إن حصّلناه! - ، ولا ( ملء الأرض ذهباً ) !
أقول هذا .. ليحذرَ الأردنيون فإنّ :
المتربصين والمحرّضين والمغرضين يتحدّثون عن ( ثورة شعبيّة غاضبة !) ؛ غاضين البصر - بورعٍ أشبه بالعور - عن الفتن الجارية ، والمحن السارية في دول ( الرّبيع العربي!) وما حلّ بأهلها من الدمار والتشريد وسفك الدّماء ..
يساعدهم في اشعال الفتيل (إعلام حزبي منظم)؛لا ينفكّ عن الإثارة والتضخيم ، وإذاعة الأخبار والأحداث - من أرجاء الوطن - بإخراج ( ربيعيّ! ) مُريب !!
وأما الإنتهازيون فلا نظنهم يفوتون هذه الفرصة في تحقيق المكاسب والمصالح الذاتيّة ؛ ولو على حساب ( أن يقتتل الأخوة ) ، أو ( ينفلت الوضع الأمني ) ، أو تسيل دماء الأردنيين ..
ومن يشكك في مثل هذا الكلام - أو يجده مبالغة وتهويل - فليطالع بعض المواقع الإخبارية .. ، والصحف الإلكترونية ..، وشبكات التواصل الإجتماعي ! ؛ فيرى ما يصنعه الكثيرون في (سبيل!) تأجيج الفتنة ، وتهييج الناس ..
اختلاق الإشاعات الكاذبة ، و الأخبار المزوّرة و( نشرها !) !
استعمال العناوين المثيرة في نقل الأحداث الجارية ..
مقالات ( تثوير! ) ، وتحميلٌ للمسؤولية ، وتبادل الإتهامات - التي لا تخلو غالباً من السّباب والشتم والقذف ..! - .
لمصلحة من كلّ هذا ؟ ومن الرّابح في ( النهاية !)؟
واللهِ .. لا ندافع - في هذا المقام - عن أي طرفٍ كان ؛ إلّا عن الوطن وأمنه واستقراره ، وعن طمأنينة النساء والأطفال ..
ضدّ الفتنة والقتل والخراب والتدمير والتشريد ..
وأما الشاب الغاضب الخارج - الآن - في المسيرات والاحتجاجات ..
فأنت تعلم ، وتدرك – بفهمك ووعيك - أثرَها الخطير ، وشرَّها المُستطير ؛ إذ لا مفرّ من التصادم مع رجال الأمن ، وحدوث العنف - كما رأينا - فأقول لك :
هذا الذي أنت - يا أخي في الله- تُناوِشُهُ ، وتُهاوِشُهُ من ( رجال الأمن ) .. أليس هو أخاك ، ومن في الدِّين آخاك ، وابنَ عمِّكَ أو مَن همُّه مِن همِّكَ ،أوجاركَ ، أو من في مصيبة جارَكَ ..؟
فاحذر لنفسك – أخي – من الانجراف مع الدَّعوات ( التصعيديّة ) ، والانجرار وراءَ وسائل الإعلام ( التحريضيّة ) .. ، و المُطبّلين للفتنة والدّمار ..
واحذر الدّماء فما اشدَّ حُرْمتها عند الله .. أشدّ حُرْمةً من بيت الله الحرام ..

نظَر رسولُ الله – صلى الله عليه وسلّم – إلى الكعبة فقال : " مرحباً بكِ من بيتٍ ، ما اعظمكِ ، وأعظم حُرمتكِ ، وللْمُؤمنُ أعظمُ حرمةً منكِ ، إنّ الله حرّم منكِ واحدةً ، وحرّم من المؤمن ثلاثاً ؛ دمَهُ ، ومالَه ، وأن يُظنَّ به ظنّ السّوء "
" لزوال الدّنيا أهونُ عند الله من قتل رجُلٍ مُسلم "
و ..
" لو أنّ أهل السّماوات والأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكَبَّهم الله في النّار "
وأقول لأهلي في الأردن العزيز ما قاله الإمام أحمد - رحمه الله - : " الصبر على مانحن فيه خير من الفتنة ؛ يسفك فيها الدماء ، وينتهك المحارم ، وتستباح الأموال .. "
خاتمة
قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلّم - : " العبادةُ في الهَرْج كهجرةٍ إليَّ " '
العبادة في الفتن وظهور الفساد والقتل ؛ كهجرة إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلّم -
ومن أجلِّ العبادات – اليوم - : الدّعاء والتّضرع إلى الله جلَّ ثناؤه ..

نسأل الله - تعالى - أن يجنّبنا الفتن وما يُقرِّبنا إليها من الأقوال والأعمال ، وأن يحقن دماء المسلمين في كلِّ مكان ، وان يحفظ بلادنا من دعاة السّوء – من المُغرضين والفتّانين - أن يُضلّوا العباد ، ويُفسدوا في البلاد ، ونسألُه تعالى أن يُصلحنا و ولاة أمورنا ، وأن يؤلّف بيننا ، ويُسدّد رأينا ، وأن يوفّقنا لكل خير ، ونسألُه – تبارك وتعالى – أن يأخذ بيد إخواننا أهل السّنة المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن يسدَّ جوعهم، ويقضي حوائجهم ، و يشفي مرضاهم ، ويداوي جرحاهم ، وأن يستخدمنا في طاعته ، فيجعلَنا في حاجاتهم .
وآخر دعوانا أنْ الحمد لله ربّ العالمين