إرادتنا قرارنا

 
الرأي محفوظ ، والتخريب ممنوع ، والعواقب المدروسة محمودة ، والأمور العشوائية مذمومة ، ليس من الدّهاء أن نغلق الشّوارع بالإطارات المشتعلة ، وأن نعيش في حالة من الرّعب والذّعر ليصل الصّوت في الأجواء ، وتتحقق المطالب والأمنيات ، وليس من الرّصانة والفطنة أن نعمل على التخريب في الممتلكات والمقدرات ، فهي ليست الحكر في الأرصدة والحسابات ، وليس من الفطنة أن نسمح لأيّ كان بأن يقودنا نحو المجهول ، دون المعرفة بعواقب الأمور ، وبعد المعرفة والإستيعاب ، والتحليل بالعواقب والتّبعات افعل ما تراه في عقلك رزين ، وعندها أنا واثق أنّه سيكون ضمن التّصرفات الرّزينة المملوءة بالعقلانية ، بعيدا عن المفاجآت والاحتمالات.

رجل الأمن ليسا غريبا عنّا ، وليس بعيدا عن فكرنا واعتقادنا ، وليس نحن بالمتأثرين وهو في عيش رغيد ، فإن كنت متأثرا ومتضررا فهو أشدّ تضررا وأكبر تأثرا من الكثيرين ، فما أستغربه هو ما يقوم به البعض من قتل لهؤلاء ، وذمّ وكأنّه من الأعداء أو شياطانا من كوكب بعيد .

ما جعلني أشعر بالزعزعة والذّعر ؛ الأرواح التي قتلت ، والأنفس التي أصيبت وجرحت ، والبنايات التي أحرقت ، والإطارات التي في منتصف الشّوارع أحرقت ، فماذا بعد الضّلال ، استمرار في العصيان ، أم رجوع إلى طريق الحقّ والصّواب ، والتفكير الطويل قبل البدء بالخطوات والممارسات .

هناك من طالب بإسقاط النّظام ، ولن أتحدث بالدّلائل والغموض ، ولكن لنا في غيرنا من البلدان أسوة ومثل ، فطالبوا من أجل الحريّة كما يدّعون ، ومن أجل السلامة كما يرغبون ، ومن أجل إزالة الظّلم الذي يشعرون ، ومن أجل تحقيق العدالة التي يجاهدون ، ولكن ماذا حصل بعد ذلك ، هل تنفذّت هذه المطالب وتحققت ، أم أنّ الأمر بقي كما كان ، ولعلّه أصبح في سوء أكبر وتفاقم أعظم ، فلعلنا فرضا وصلنا إلى ما تريد هذه الهتافات – ولن نصل مؤكدّا - التي لست على ثقة بمن أصدرها وأطلقها ، ومن الذي دعا لها ، ولكنّها أطلقت وسمعناها على الفضائيات ، وشاهدها العالم في تلك اللحظات، ماذا سيكون موقف الأردن من ذلك ، وماالذي سيعمّ وينتشر ، ومن يستطيع تخليصنا من الدّيون العائمة ، والمصائب المتفاقمة ، أو حتى من سيضمن حفظ الجرائم ، فعند ذلك لن نتذّكر الأسعار ، ولا انخفاض سعر الدّينار ، وسننتقل بالتفكير ، إلى كيفية الشّعور بالسّلامة والأمان ، وكيفية بناء الأنقاض ، والعودة إلى جزء ممّا كنّا فيه ، وقد نصل إلى كيف سنعمل على وقف إراقة الدّماء.

أترك التفكير لكم بعقولكم ، لأنّ القادر الوحيد على إخراجنا إلى برّ الأمان هو رأس النّظام وليس بأحد غيره ، فالأردن الوطن ، هو وطن الأردنيين الشّرفاء ، وهو عظيم بشعبه وبمقدرات عقول أبنائه ، وليس بفورة الغضب والإستعجال ، والمسير وراء المجهول ممّا لن يحمد عقباه .

هي ليست بمزاودات ، ولكنّها دعوة إلى التفكير العميق ، بعواقب كلّ فعل من الأفعال ، فالأب تهمّه مصلحة الأبناء ، وعلى الأبناء الرّضا بما يتقرّر ، لعلّ مصلحة لم ندركها موجودة ، هي مصلحة العامة والوطن بكلّ أرجائه ونواحيه ، بمدنه وقراه وبواديه ، وكلّي ثقة بتدخل من بيده الحلّ القويم ، فقد عوّدنا جلالة الملك دائما على حكمته وبصيرته ، وأنّه لن يخذل أبنائه الطّيبين .