رفع الأسعار قرار أمريكي بحت .. فلمَ لا يتم إعلان الأردن الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة ؟!

خاص لـ أخبار البلد - رائده الشلالفه

في حالة الجدل التي استحالت إلى واقع مرير "صلف" جراء قرار حكومة د. عبد الله النسور بإقرار رفع الاسعار وتحرير الدعم عن المشتقات النفطية، وبعد أن تجاوزت اطروحة رفع الاسعار معادلة "بالون الاختبار" وتفجيره على رؤوس الاردنيين شاء من شاء وأبى من أبى، وبعد انتفاضة الشارع الاردني ليل أمس، بات من المؤكد ان الاردنيين أمام حكومة فقدت أهليتها وبصمت بكامل اصابعها على أنها خارج الولاية العامة، بل وأضحت بما لا يحتمل التأويل او التقويل بأنها عدو الشعب بامتياز !!


رئيس الوزراء السابق فايز الطراونه نجح قبل مغادرته بتمرير مرحلة انتقالية لخلفه د. عبد الله النسور الذي وجد الطريق ممهدة لتواتيه الجرأة على رفع الاسعار ورفع الدعم عن المشتقات النفطية، يساعده في ذلك غياب المؤسسة البرلمانية ممثلة الشعب، فعلى الرغم من معايشة الاردنيين لمجالس نيابية على مدار العقد الماضي وعدم نجاحها على استقطاب ثقة الشارع، الا ان المصوغ القانوني للعب الحكومة في مضمار رفع الاسعار يفتقد للشرعية الدستورية، لعبور قرار رفع الاسعار دون نفق الشرعية النيابية .

رحل المجلس النيابي السابق تاركا الشعب في "معمعة" رفع الاسعار، وليعقبه رحيل حكومة الطراونة غير المأسوف عليها والتي اخلت الميدان لحمدان النسور دون ان تعبئ بما سيكون عليه الحال عند تفجير قنبلة رفع الاسعار، وما شهده الشارع الاردني ليل امس من انتفاضة شعبية عارمة لهو اقل الاحتمالات ضررا ، فالقادم اشد وأعظم وقد أيقن الاردنيون بأنه آن الاوان لتكف الحكومة عن التعاطي معهم كـ كبش فداء للمديونية النازفة وللفساد المتغول ولا من احد يجرؤ او حتى يفكر بإيقافه .


السؤال الأخطر .. لماذا لم تفكر حكومة الطراونة الراحلة وحكومة النسور الحالية بأن عملية التزامن بتفجير قتبلة الاسعار لا زالت تحت "باروميتر" أشبه بمسمار الامان لقنبلة الشعب الانشطارية ، سيمّا وأن الاردن ليس بمنأى عن تداعيات الربيع العربي الذي صب جام حممه على الانظمة والحكومات في المنطقة، ففي الوقت الذي يحكم فيه المنطق الوطني ان تجهد حكومة النسور في اتخاذ قرارات اقتصادية تخدم معيشة المواطنين، وتستهدف تحسين اداء الموازنه العامة للدولة، والتخفيف ما امكن من حجم العجز المالي المتعاظم ، قامت ودون أدنى مسؤولية بإعلان قرار الرفع، ومجازفة بكل التداعيات الشعبية التي نجزم انها لم تبدء بعد، فلماذا ولصالح من يقود النسور الشارع الاردني بدولته ومواطنيه الى الهاوية؟؟  

وللإجابة على السؤال نعود لما قال به الاعلامي والمحلل الاقتصادي والسياسي فهد الريماوي في مقال سابق له ، أوضح فيه ملابسات ما نعيشه اللحظة من تدهور لن ولا تحمد عقباه، حيث يكشف ملابسات ما يعرف بـ الاتفاقية السرية، تلك التي ألزمت فيها الحكومة نفسها ولم يعلن عنها من قبل ولا احد في الاردن يعرف عن تفاصيلها شيئا وتتعلق بتوقيع اتفاقية "ألحكومة المفتوحة" مع الولايات المتحدة الامريكية في شهر نيسان الماضي حيث اصبح الاردن الشريك رقم 56 ضمن قائمة الشركاء الموقعين عليها·

هذه الاتفاقية منحت الاردن 12 نقطة من اصل 16 نقطة تم اعتمادها كمعيار موحد للدول التي يتم قبولها في هذه الاتفاقية وتم تخصيص اربع نقاط لكل محور بحيث يبلغ عددها الاجمالي اربعة محاور·

هذه المحاور هي الموازنة وتحسين ادائها، وتحرير الاسعار ورفع الدعم عن السلع المدعومة، وقانون حق الحصول على المعلومات، والمشاركة الشعبية في السلطة من خلال البرلمان، وصك قانون لاشهار الذمة المالية·

هذه المحاور الاربعة الرئيسية الزمت الحكومة باجراء العديد من التعديلات على القوانين لتتواءم معها، ولكن لحسن حظ الاردن ان لديه قانونا لضمان حق الحصول على المعلومات، وقانونا اخر لاشهار الذمة المالية، وهما اللذان ساعدا الاردن في الحصول على اربع علامات لكل منهما، بينما حصل في محوري المشاركة الشعبية في الحكم "البرلمان" والموازنة على علامتين لكل منهما، ما ساعد على رفع درجات الاردن ليحصل على 12 علامة من اصل 16 علامة·

والمشكلة ليست هنا وانما في التعهدات التي قدمتها الحكومة السابقة للمجتمع الدولي الموقع على هذه الاتفاقية، فقد وصف خبير دولي اطلع على هذه التعهدات بانها"تعهدات ثقيلة ومبالغ فيها ولا يستطيع الاردن الوفاء بها" خاصة وان عملية تدقيق ومراجعة دولية ستتم لهذه التعهدات بعد سنة من الان لمعرفة ما تم تحقيقه، وفقا لخارطة التعهدات التي الزم الاردن نفسه بها·

حتى هذه اللحظة لم تكشف الحكومة الحالية او حتى الحكومة السابقة عن تفاصيل هذه الاتفاقية التي سيتم رهنها لاحقا بحجم المساعدات المالية التي سيتم صرفها للاردن، مما يثيرالتساؤل عن الاسباب التي دفعت بالحكومة السابقة ــ على الاقل ــ لاخفائها وابقائها في اطار السرية المكتومة.. انتهى تحليل الزميل الريماوي .


وعليه نجد ان مطلب تحرير الاسعار ورفع الدعم عن السلع المدعومة ومن بينها المشتقات النفطية هو توصية امريكية بحتة تصب في سياسات البيت الابيض اكثر ما تصب في الدوار الأردني الرابع مثلا، خاصة اذا انتبهنا بأن طرحها على الاردن وتوقيت توقيعها في نيسان الماضي ، تزامن مع الحملة الانتخابية المبكرة للرئيس الامريكي اوباما وقتذاك لمصالح امريكية في المنطقة يرتبط فتيلها بالشأن الاردني الداخلي وهو احد اهم دول الجوار في الدول التي تشهد قلاقل سياسية مرتبطة بالكامل بالاقتصاد والامن القومي الامريكي لا الاردني ..

وعليه نوصي نحن الشعب الاردني، وبقصد حصد اي مكتسب اقتصادي وامني وطني بأن يصار لإعلان الاردن الولاية رقم 51 لامبراطورية العم سام - اوباما .. وكفى الله المؤمنين شر القتال !!