رئيس لا يثق بحكومته , وشعب لا يثق بالرئيس


لم يدرك رئيس الحكومة الحالي وحاجب الثقة الشهير وناقد السياسات الحكومية البارز ( ابو زهير ) بان اشكال المعارضة والنقد التي امتهن ترديدها بحرفية عالية في مجلس نيابي مزور سوف تقف معياراً ومصدراً للتندر بين الاردنيين كلما دافع رئيس الحكومة عن السياسات الاقتصادية الجديدة لحكومته باعتبارها خياراً لا مفر منه لانقاذ الدينار ورفع الاسعار والتخلي عن الدعم الحكومي لأساسيات المواطن الاردني مثلما لم يدرك بان ضربة الحظ التي ساهمت في وصوله على رأس حكومة الدوار الرابع سوف تضطره للتخلي عن كافة الادوار المعارضة والحلول السحرية التي كانت بحوزته لانقاذ الوضع الاقتصادي الاردني اثناء نيابته والتي كان يعيب فيها على الحكومات المتعاقبة عدم فتح حوار مع نواب الوطن والأخذ بتوصياتهم الحصيفة !! للتخفيف عن المواطن الاردني .
الرئيس الجديد أذ يقود حكومة متداعية غالبية وزراؤها ينتمون لحكومة الطراونة السابقة وساهم في حجب الثقة عنها وعن سابقتها مع سبق الاصرار وانتقاداته اللاذعة للسياسات الاقتصادية التي افقرت المواطن وأوجعت تفكيره يقف اليوم مجدداً ليبرر عن أحدى حلقات الافقار الجديدة التي تعتزم حكومته القيام بها وملمِحاً دون التصريح الواضح بان جيب المواطن اغلى ما تملك الحكومات الاردنية باعتباره مصدراً لخزينة الدولة المرهقة بالدين الخارجي والتداعيات المتعاقبة للفساد وهدر المال العام وبرامج التحول الاقتصادي برعاية وزراء الديجيتال مع استمرار الادعاء والاستعراض الممنهج بمحاربة الفساد ( دون الاشارة للفاسدين ) ليطلق عبارته الشهيرة ( اما رفع الاسعار او انهيار الدينار ) .
لو كان ( ابو زهير ) يعلم الغيب لاستكثر من خير السكوت , ولو كان الرئيس يعلم بان الامتحان الحقيقي بين الادعاء بالمباديء والحلول والقيم سوف يصبح على المحك عندما يصبح رئيساً للحكومة لآثر الانسلاخ من دور المعارضة مبكراً مجنباً نفسه مغبة الكلام والنقد في مجلس التزوير الاخير ولماذا الكلام أصلاً ؟!! وماذا سيقول الرئيس للاردنيين عندما يكتشف بانه يطبق سياسات تسبق وجوده وتتحدى الولاية العامة التي عاب فيها على حكومة البخيت والطراونة ؟!! وكيف سيبرر قبوله بالمنصب وبقاؤه في حكومة وضع الليبراليين الجدد خطة تشغيلها وسيرها والالقاء بها في مكب النفايات السياسية بعد الفراغ من سبب وجودها ؟!!! .
يتفّرد الاردنيين بين شعوب العالم بوصفهم يغذون خزينة الدولة ويصرفون على الحكومات ويدفعون ثمن عهر اصحاب القرار بهدر المال العام والحاصل بان الحكومة الحالية كسابقتها تعاملت ضمن هذا المبدأ الأوحد اساساً للنية المتجهة لرفع الاسعار والغاء الدعم الحكومي على المشتقات النفطية دون التطرق للحلول الاخرى التي يسهم تطبيقها واللجوء اليها للوصول لمرحلة التعافي وازدهار الوضع الاقتصادي , فمثلاً ان يتم تخفيض موازنة الديوان الملكي ووزارة الدفاع بعد الاعلان عن الارقام الحقيقية للموازنات المذكورة والتي تتعدى تحت ابسط تقدير اربعة مليارات دينار اردني سنوياً , واللجوء لسحب السيارات الحكومية الفارهة وعددها عشرون الف سيارة ( دون سيارات وزارة الدفاع والديوان ) وتكلف خزينة الدولة المفلسة ما يقارب مئتي مليون دينار اردني سنوياً بين المحروقات والصيانة وأثمان الشراء , وفرض الضريبة التصاعدية على البنوك وشركات الهواتف المتنقلة التي حازت اثمان رخص تشغيلها باسعار زهيدة ويتم تجديدها سنوياً باسعار لا تتناسب مع واقع الربحية التي تحققها تلك الشركات , وانتهاج سياسة حازمة لملاحقة المفسدين وارجاع الاموال العامة المنهوبة في العقد الاخير لترسيخ هيبة الدولة واعادة الثقة المفقودة بين المواطن والدولة وظبط نفقات الديوان الملكي واساطيل السيارات الفارهة التي يتم تجديدها كل سنة هناك وتخفيض الرواتب التقاعدية لطبقة الوزراء ورؤساء الحكومات وكبار الموظفين في الهيئات المستقلة مع الغاء البدلات المالية الشهرية المضافة للوزراء والغاء سياسة المكارم المالية وشيكات المؤلفة جيوبهم المصروفة من الديوان الملكي للشيوخ الجدد وما اكثرهم .
نحن بصدد رئيس لا يثق بحكومته اللاشعبية وشعب فقد الثقة أصلاً برؤساء الحكومات المتعاقبة على جيبه ولقمة عيشه وقوت عياله لتعويض النقص الحاصل بسبب قضايا الفساد التي عجزت الحكومات قصداً عن ملاحقة ابطالها في آخر عشرة سنوات ولغاية الآن فمتى سيتم احترام كرامة الشعب ومصدر دخله البسيط ؟؟ ومتى سنضع حداً لمسألة الاتجار بالوطن والمواطن وعقول الشعب .
Majali78@hotmail.com