المال السياسي يختطف النواب

المال السياسي سيكون لعنة على الانتخابات النيابية المقبلة،والارجح ان الفقر الشديد،ثم ارتفاع الاسعار المقبل على الطريق،سيؤدي الى انتاج مجلس نواب مخصص للاغنياء فقط،بحيث سيأتي القادرون ماليا،على حساب اصحاب البرامج والشعارات.


الاردني هذه الايام يجد مصاعب قاهرة في تمويل تعليم ابنه،وفي تغطية ابسط نفقات حياته،والحبل على الجرار،اذ ان الغلاء مقبل على الطريق،وسيواجه المواطن تداعيات جديدة اجتماعيا وسياسيا،فيما تتحطم ثقافة الحياء تدريجيا تحت وطأة الحاجة.


المال السياسي تم تجريمه قانونيا،الا ان المرشحين لايعدمون الوسائل لشراء الذمم بوسائل مختلفة،والواضح ان سيطرة رأس المال على مجلس النواب المقبل ستكون ميزة اساسية،حتى المرشحين الذين لايمتلكون مالا،ولديهم قدرة الى حد ما على الفوز،سيبحثون عن حواضن سياسية او اجتماعية ثرية ممولة لحملاتهم مقابل الانتساب الى سلسلة سياسية او لوبي ضاغط او مجموعة.


الاسوأ من الفقر،هو تداعيات الفقر،والذي كان يصمد امام حدة الفقر لم يعد يصمد،وهناك اعداد جديدة تنضم الى هذه القافلة يوما بعد يوم،وهذه فرصة للمرشحين لنهش لحم الناخبين،عبر السماسرة والوسطاء،بل ان موضة بيع الصوت باتت سائدة تحت شعار يقول ان الناخب لن يستفيد من النائب،لاحقا،وعليه ان يستفيد منه مسبقا بقبض ثمن الصوت.


هذا جانب ايضا من جوانب اختلال النزاهة المتعلق بالمرشحين والناخبين،لان الاختلال لايأتي فقط من الاجراءات الحكومية،على مافيها من اخطاء وعلل وتجاوزات وتزوير في تجارب سابقة،اذ ان المرشحين والناخبين يشاركون ايضا في الاخلال بمعايير الانتخابات عبر قبولهم لهكذا تصرفات،فالتزوير له اكثر من باب واحد.


لايمكن وقف تأثيرات المال السياسي،حتى لو تم وضع شرطي على رأس كل مواطن،مرشحا كان ام ناخبا،لان الناس فريق اساس في ردع هذا النمط من التزوير الشعبي،وبما ان كثرة لاتقف عند هذه المعايير،فإن الواجب وضع معايير اخرى مستقبلا.


من أبرز هذه المعايير وضع سقف مالي لانفاق المرشحين،فيما الجهات التي سمعت هذا الاقتراح ذات مرة،قالت ان وضع السقف غير مناسب،بل الاصل تشجيع المرشحين على الانفاق على حملاتهم الدعائية،من يافطات الى تجمعات وغير ذلك،من اجل تحريك الاقتصاد الانتخابي.


في كل الحالات فإن المال السياسي قادم بقوة الى البرلمان المقبل،عبر بابين،الاول الدفع للناخبين للتصويت لهذا المرشح او ذاك،والثاني وجود قوى كبيرة ثرية سترشح اسماء وستقوم بتمويلها ايضا،للسيطرة على مجلس النواب المقبل واتجاهاته قدر الامكان.