غيث الدنانير

بقلم : أحمد نضال عوّاد .

مع حبّات المطر المتساقطة على جبال عمّان عمّ الخير من عند ربّ السّماء في هذه الأيّام المباركة مع بداية فصل الشّتاء ، وبذات التوقيت يخرج نور الظّلام من قرارات أوشكت على الوقوع تسير بنا نحو المجهول في طريق خال من الإضاءة والسّرور ، فإلى أيّ المسارات يتجه مركب الدّولة بهذه الأوقات ، إلى حيث الراحة والرّفاه ، والبناء والإنقاذ ، أم إلى حيث الدّمار والفتنة ، و المزيد من الفساد والسّرقات .


حكومتنا العزيزة ، نحن كلّنا مع الوطن ، ولكن لسنا مع انهيار الدينار وجعله كباقي العملات في دول الجوار ، نحن كلّنا مع انقاذ الميزانية الغارقة في بحار الفساد والطّغيان منذ سنين خلت دون مراقبة ومتابعة ، وبسبب استهتار الخائنين وقلة الأمانة عند المسؤولين ، ولكن لسنا مع الوصول إلى حالة الرّثاء والعزاء لأنفسنا ومن حولنا من مواطنين ، قبل المباشرة بالحلول التي وضعت على طاولة الحوار ، علينا بمناقشة الأسباب التي أوجبت الوصول إلى حالة يرثى لها من تدهور في الإقتصاد ، وتفاقم في العجز والنّفقات ، وقلة في المنح والإيرادات .


لعلّ من أبرز الأسباب التي أوصلتنا إلى هنا فساد المفسدين ، وازدياد الخيانة عند الخائنين ، ونهب المختلسين ، إذ أنّهم استحلّوا ما ليس لهم من أموال الوطن ، واستباحوا مقدراته دون وجه حقّ ، فهلّا توقفنا عند جميع هؤلاء وأرجعنا ما نهب وسرق ، وما استحلّ وأُخذ !


لعلّه من الجدير بالإشارة في هذا الموضع ، ما حصل مع مدير المخابرات الأسبق ، وهو خلف القضبان ، إذ حُكم عليه بالسّجن وتم تغريمه ومصادرة أموال الوطن التي كانت بحوزته ، فهي التّحية إلى القضاء الأردني العادل وإلى الجهود المبذولة في سبيل إرجاع الحقوق ، فليست هذه الأموال عطيّة ولا منّة ، ولن أطيل فليس هذا محور الحديث الذي قد يطول !

ولكنّها أيضا حالة من حالات كثيرة وعديدة من قضايا وتهم للفساد ، منها ما هو موجود ، ومنها ما ينقصه الأدلة لتثبت الإدانه ، ومنها ما هو مخفيّ وغير معلوم ، فلا تؤخذ القضية بالشّكوك ، ولربما الفساد الذّي حصل هو سبب من الأسباب التي جعلت من الإمدادات الخارجية للمملكة تتوقف وتتعطل .


لا أريد أن يكون معي الكثير ، فقليل يكفيني ، خير من كثير يجعلني أسير ، ولا نريد أن نصل إلى حالة من الفوضى جرّاء قرار يُظنّ لهذه اللحظة أنّه صائب سديد ، ولكنّه قد يكون إلى الخطأ أقرب وأسبق ، فهي دعوة إلى التريّث وإعادة الحسابات قليلا مع أصحاب العقول الرّشيدة ، والتي ليس لها مصلحة في الإغواء والتّضليل.


دولة الدكتور عبدالله النّسور ؛ أحببناك نائبا نصيرا للشعب وللمواطنين ، فكن النّصير بما فيه مصلحة الوطن ومجمع المواطنين ، فليس باعتقادي أنّ دعماً يُدفع مقابل رفع لربّما يوصف بالعظيم سيوصف بالخيار القويم .


ليس السّير بطريق معتم فيه عوائق ومطبّات خير من أخذ الحيطة والحذر والسّير في الطّريق المعبّد الذّي يوصف بالرّاحة والأمان ، وكذلك فإنّ الخيل لا بدّ لها من فارس هيّاب يمتطيها وهو حريص عليها ، دون أن يسبب لها إزعاج ، وبما ينسجم وقدراتها على تحمّل المشاقّ ومواجهة الصّعوبات والتّحديات .


لا أدري إن كان صوتي مسموعاً ، ولكنّي أتمنى أن يكون جميع المعنيين ممّن يحرصون على الوطن بمدنه وقراه وبواديه ، وعلى الشّعب العزيز الكريم ، بحيث لا تكون القرارات النّهائية إلّا وفق الأسس العقلانية وبما يخدم الإقتصاد ، ودون إضرار بالمواطنين .