ضمن المعطيات الحالية يبلغ العجز في الموازنة العامة 5ر2 مليار دينار سنوياً أي ما يزيد عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي تتم تغطيته بالمديونية المحلية والأجنبية. هذا العجز بهذا الحجم لا يجوز ولا يمكن أن يستمر ، فهو الطريق المؤكد نحو الأزمة والتوقف عن خدمة الديون ، وبالتالي الركوع على أبواب المؤسسات الدولية لإنقاذنا من الغرق وإدارة ماليتنا العامة التي لا نستطيع إدارتها.
تجاه هذا الوضع المتفاقم يتطلع الجميع إلى وسائل سد العجز التي لا تستطيع الانتظار سنوات أو شهوراً أخرى ، تتراكم خلالها المشكلة وتتحول إلى أزمة خانقة تسحق الفقراء قبل غيرهم.
في آخر تصريح لمجلس النقباء ، بعد لقائهم مع رئيس الحكومة ، إن جيب المواطن ليس منجم ذهب لسد العجز في الموازنة ، فما هو يا ترى منجم الذهب الذي يستطيع مجلس النقباء أن يدل الحكومة عليه كي تسد العجز؟ هل الاقتراض من البنوك المحلية والأجنبية هو منجم الذهب الذي لا ينضب؟ أم هو جيوب دافعي الضرائب في البلدان المانحة الذين عليهم أن يقدموا لنا ما يسد عجز موازنتنا ويمكن حكومتنا من دعم استهلاكنا.
من أساسيات المالية العامة أن خزينة الدولة هي جيوب رعاياها ، وهذا هو شأن الدول المستقلة أو التي تسعى للاستقلال ، علمأً بأن موازنة الدولة ليست أكثر من جهاز لإعادة توزيع المال من المواطنين بشكل ضرائب وإلى المواطنين بشكل خدمات.
الأردن هو البلد الوحيد فيما أعلم الذي يراد فيه تحصين جيب المواطن بحيث لا يجوز أن تمتد إليه يد الحكومة بل عليها أن تمد يدها إلى جيوب مواطني الدول الصديقة والشقيقة. ليس كحالة طارئة بل كحالة دائمة.
لم تغب عن بال مجلس النقباء الكليشيه الجاهزة حول استعادة الأموال المنهوبة كحل لمشكلة الموازنة ، وربما كان بيانهم مازحاً عندما طالب الفاسدين برد الجميل للشعب الأردني بإعادة ولو جزء مما سرقوه ، فهل هذا هو البديل الذي علينا أن نأخذ به لسد عجز الموازنة بمعدل 5ر2 مليار دينار سنوياً.
ما هو الأسلوب الذي يقترحه مجلس النقباء لتحصيل الاموال المنهوبة غير ما تقوم به الحكومة ومؤسساتها من إحالة عشرات القضايا شهرياً إلى الإدعاء العام والقضاء.