رفع الدعم عن السلع إفقار للأردنيين وتجويعا لأبنائهم ولن يعاني منه علية القوم وأولي الأمر


ما هي إلا أيام أو سويعات قليلة تفصلنا عن إجراءات حكومية مؤسفة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية وبعض السلع المتأثرة بها وذلك بعدما استكملت أو أوشكت الحكومة على الانتهاء من حملة إعلامية واسعة شنتها تمهيدا لقرارات جدلية مروعه سيتأثر بها حتما وبشكل مباشر الفقراء والطبقة الوسطى من الأردنيين . الفقراء الأردنيين كدأبهم دائما يدفعون ثمن فساد مسئوليهم وحكوماتهم المتعددة التي أهلكت الحرث والنسل على مدار سنوات وربما عقود ليأتي كل مرة رئيس وزراء وفي هذه المرة رئيس وزراء طالما اعتقدنا أنه معارض شرس للحكومات يدعي بأنه المصلح الأعظم وقلبه على الفقراء ويخرج علينا بحلوله في رفع الدعم عن المشتقات النفطية والسلع الأساسية . فقراء الأردن تزيد نسبتهم الحقيقية عن( 60% ) من المجتمع الأردني وبموجب الإجراءات الحكومية المزمعة ستقفز هذه النسبة إلى أكثر من( 70%) من شعب هو بالأصل جائع ومستنفذ ومجهد من إجراءات سابقة. لماذا يستسهل رؤساء حكومتانا سواء الحالي أو السابقين الحل الذي يكون على حساب الشرائح الفقيرة والمستضعفة وهل نسوا أن أوضاع الأردن لا تحتاج إلا لشرارة لإشعال نار فتنة وانفجارات تضحي بسلمنا الأهلي؟ ولماذا لا يفكر الدكتور النسور بحلول تتعلق بزيادة الضرائب الدخل والمبيعات على البنوك والأثرياء وأصحاب "البزنس" وغيرهم من علية القوم؟ولماذا لا يفكر في تخفض نفقات الديوان الملكي التي لا يعرف أحد حجمها الحقيقي؟ لماذا لم يفكر في خفيض رواتب ثلاثة وستون أميرا وأبنائهم وأحفادهم في الأردن يتقاضون رواتب فلكية من المهد إلى اللحد دون مساهمات حقيقية في بناء الوطن؟ لماذا لم يفكر في تخفيض موازنة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية واقتصارها على الرواتب فقط ولمدة ثلاث أو أربع سنوات ؟ وحسرتاه على حكومة رئيسها كنا نحسبه من كبراء المعارضة الأردنية يأتي ويتخذ إجراءات اقتصادية هي الأقسى والأصعب على الشعب في وقت مفصلي وحساس يحاول الشعب تلمس طريقه لمستقبل سياسي يضمن العيش الكريم له وللأجيال القادمة من بعده . ونتساءل هنا هل حكومة الدكتور النسور مغطاة من الناحية الدستورية والسياسية والأدبية لاتخاذ إجراءات عميقة تؤثر على مستقبلنا وموائدنا ومدخراتنا في الوقت الذي يقتصر تفويضها على مهمة وحيدة واحده هي إجراء الانتخابات النيابية وليس لديها ثقة برلمان يصادق على قراراتها الجوهرية ؟
الإجراءات الاقتصادية القادمة خطيرة ولا تعكس بعد نظر سياسي ولا رؤية أمنية إستراتيجية سليمة ونعتقد بأنها تتضمن مخاطر كبيرة وغير مدروسة وغير مراعية للتوتر الشديد الذي يسود الساحة الأردنية وللتبعات الأمنية والاستقرار السياسي والسلام المجتمعي المترتب على هكذا قرارات. إن محاولات الحكومة ورئيسها الترويج لقرارات اقتصادية صعبة وتسويق خطته بنقل الدعم مباشرة لمستحقيه ما هي إلا تسويق لبضاعة غير جيدة ولن تحل أزمتنا الاقتصادية المتراكمة والمزمنة علما بأن هذه الإجراءات سترفع أسعار كل المواد والسلع في البلد وستتآكل رواتب ومدخرات الناس وسيضطرون لاختصار وجباتهم وموائدهم ثمنا لأخطاء العتاة ممن يتلذذون بأموالنا المنهوبة في العواصم الغربية والأوروبية بعدما تم التغاضي عن شبهات فسادهم من قبل نواب مزورين . على الدكتور النسور وأولي الأمر أن يدركوا بأننا وأبنائنا نحملهم كل التبعات والنتائج التي يمكن أن تتمخض عنها إجراءات ظالمة وموجعة تصيب الأغلبية الساحقة من المواطنين ولا تؤثر على مستوى معيشة أولي الأمر وكبار المسؤولين . نعم أنا وبعض من الأردنيين نقف اليوم مذهولين من مغامرة غير محسوبة تقدم عليها الحكومة معرضة أمن الأردن السياسي واستقراره الأمني وسلمه الأهلي للخطر تلبية لشروط مالية من صندوق النقد الدولي . والذهول الأكبر يأتي من صمت القيادة السياسية وهي ذاتها التي دفعت بحكومتين سابقتين للتراجع عن زيادة طفيفة في أسعار المشتقات النفطية وذلك أمام غليان الشارع وتحذيرات مبكرة من الأجهزة الأمنية من عاصفة جماهيرية يصعب السيطرة عليها في حال المضي قدما في تلك الإجراءات فما الذي استجد خلال الخمسين يوما الماضية للسكوت على مثل هذه القرارات؟
قطاع التجار والبنوك والسماسرة والمقاولين ورؤساء الوزارات والوزراء السابقين وقبلهم جميعا وعلى رأسهم الأمراء والأميرات والشرفاء والشريفات وأبنائهم وأحفادهم لن يتأثروا بالتقشف المنشود وكأن التقشف خلق قدرا مقضيا للفقراء في حين أن علية القوم وأصحاب القرار يرفلون بنعمة كبيرة وينهلون من معين ضرائب الدخل والمبيعات والجمارك والأراضي ومخالفات السير التي يدفعها الفقراء . لن تصيب إجراءات التقشف الوشيكة رواتب الملك والملكة والأمراء وفي هذا الصدد نطالب بالتأكد من مدى دستورية تقاضي الملكة والأمراء رواتب من الموازنة العامة للدولة علما بأن مواد الدستور لا تتضمن إشارات لحقوق ومخصصات لغير الملك فكيف وعلى أي أساس يتقاضى أعضاء الأسرة المالكة داخل الأردن وخارجه رواتب ومخصصات وحراسات وخدمات مكلفة يتم تغطيتها من الموازنة العامة للدولة الأردنية. واستنادا لمبدأ الشفافية التي يدعوا إليه أولي الأمر ورئيس الحكومة وتوضيحا لما يتردد ويشاع عن مخصصات شهرية هائلة للملك ومياومات مليونية عند سفره وترحاله، وموازنة غير معلنة للديوان الملكي، ومنح ملكية وقصورا توهب وتخصص لبعض رؤساء الوزارات السابقين ونوابهم وبعض الوزراء الحاليين ومدراء دوائر أمنية فإن خروج القيادة السياسية أو الناطق الإعلامي باسم الديوان الملكي بتصريح يكشف مدى صحة هذه الأمور وقيمة هذه المخصصات ومصادرها سيؤدي حتما إلى تعزيز الثقة ودحض الإشاعات وتفنيد ما تتضمنه مجلات وصحف عن ثروات القادة السياسيين ومن ضمنهم القيادة الأردنية ، كما أن ذلك ينسجم مع قيم الديمقراطية التي تدعوا إليها القيادة ومختلف القوى السياسية الأردنية . بالطبع ربما لا يرغب الأردنيين أن يعيش الملك نمط حياة مماثل لذلك الذي يعيشه رئيس دولة الأورغوايي الذي تنازل عن 90% من راتبه وعن قصر الرئاسة الفاخر ليعيش في بيت متواضع ويركب سيارة فولكس فاجن خرده من صنع السبعينات من القرن المنصرم . ولكن أيضا لا يرغب الأردنيين أن تعيش القيادة السياسية في بلدهم مثل ما تعيش القيادات المترفة في دول النفط والثراء ليتحمل باقي المواطنين إجراءات تقشف تحرمهم أدنى مستويات الحياة الكريمة. وانطلاقا من الحكمة القائلة بـ "من ساواك بنفسه ما ظلمك" فإن مصارحة الأردنيين بهذه الأمور والإجابة على تساؤلات كثيرة في أذهان المواطنين وفيما إذا كانت هذه الفئات ستتحمل أو تعاني من تبعات التقشف المزمع وعما إذا كانت هناك فعلا قصورا وفيلللا راقية تمنح لفئات هي أصلا لا تحتاجها وتحت أي باب وغطاء تتم هذه المنح ومن أين يتم تمويلها ومدى شرعية هذه الهبات كل ذلك من شأنه أن يخفف من حالة التوتر التي تسود الشارع الأردني. أولي الأمر في الأردن مدعوين أكثر من أي وقت مضى للتروي والتأني والبحث عن حلول أخرى غير تلك التي يشير إليها رئيس الحكومة فالمسألة جد خطيرة والتوقيت أكثر حساسية وخطورة فهل من مدكر.