الحظ يبكي والقدر يبتسم

بقلم : أحمد نضال عوّاد .


حظّ أم قدر ، أم أنّه واقع محتضر ، أو أنّه مستقبل منتظر ، حالة من الرّغبة والتّمني بأن يكون القادم أفضل وبه أمور أعظم ، وواقع يتردد في حياتنا ، معلنا أنّ الرّوتين موجود ، وأنّ التّمنّي محمود ، وأنّ اليأس مثلوب ، فبعيدا عن الحلقات المعتمة والتي تسير نحو المجهول ، فلنذهب إلى الحلقات المضاءة بالنور المبين ، حيث الطّريق الواضح المستقيم .


في الوضع الطبيعي ؛ الجبل لا يصبح ذرّات من التّراب من تلقاء نفسه ، والبناء لا يغدو شاهقا لوحده ، والعقل لا ينمو ويتطوّر إلى الدّرجة المطلوبة من الجلوس والرّكود ، فليس الحظّ بموجود ، وإنّما القدر مخطوط ، ولكنّه أيضا يسير باتجاه الإرادة والعمل ، فالإنسان مخيّر وليس بالمسيّر ، فاعمل على شقّ الطريق المستقيم ، والذي تغدو به إنساناً قويم ، دون غلوّ وتطرف ، وبالبعد عن الإستعلاء والإستكبار ، فليس التميّز بالأقوال ، وإنّما بما تجسّده الأفعال .


نشتم الدّنيا وما فيها ؛ إن حدث مغايرا لما أردناه بالوجود ، ونحمد الظّروف وما تحتويها ؛ إذا ما أردناه أصبح بالفعل موجود ، وكأنّنا نريد الكمال ، ولا كمال في الدّنيا الغابرة ، فغالباً يجب أن نحصل على ما نريد حتى وإن كان وجوده ضرر معهود ، وكأنّنا نعلم ما في النّهاية من خير ومنفعة ، ونسينا أنّ الذّي علينا هو السّعي والعمل ، دون انتظار للهدف ، فإن حدث كان به المنفعة والعائد ، وإن تعطّل ونحن نريده فلا بدّ أن يكون فيه ضرر وأذيّة ، فلسنا بالغيب نعلم ، ولسنا بكلّ فائدة نفقه .


مهما بلغ علمنا فإنّنا نجهل الكثير ، ومهما أوتي عقلنا وازداد فكرنا فإنّ عدم الخطأ مطلقا أمر قد يعتبر محروم ، ليس بمطلق الحديث وإنّما لأنّ الكمال غير معلوم ، فليس من الصّفات البشريّة تجنب الأخطاء بسهولة ، والإرتداع عنها دون تجربة وتشييد ، فأحدنا لا يتعلّم إلا من أخطائه ، ولكن هذا خطأ كبير ، فلنتعلّم من تجارب الآخرين وما حدث معهم ، فليس إحراق نفسي بعد حريق غيري أمر مقبول ، وإنّما سيعدّ تصرّف أرعن ، وهو من قبيل الجنون ، فلا ينمّ عن فكر راقي ، وبصيرة مستنيرة ، فالتّصرف السّليم يكمن بعدم الإستمرار به والإصرار عليه ، وبمنع تكراره بعد انصرامه ، و جعله منارة في البعد عن مثيله بعد إنقضائه.


لايجوز الوقوف عند اعتقاداتنا وأفكارنا ، والتعصّب حول صحتها ومسؤولياتها ، فالجملة تحتوي الصّواب والخطأ ، وليس بالضّرورة أن نكون الصّواب دائما بتحليلاتنا وأفعالنا ، وإنّما يتوجّب علينا المضيّ بما نعتقد نفعه وفائدته ، وأن نسير في الطّريق القويم ، الذّي به إنماء وتطوير ، فإن كان الخير ؛ فيتحقق ، وإن كان الشّرّ ؛ فيتحوّل ويتعدّل ، و إن أردنا التَّعصّب في شيء ، فيحقّ لنا أن نتعصب بما تحقق من خير ومنفعة ، وليس بما نريده من عمل ومصلحة ، فأن تصيب مرّة خير لك من البعد عن الهدف مرّات دون تحقيق للمقصد والمراد.