البيوت اسرار


في الأحياء الشعبية، وغير الشعبية يتجاور الناس لفترات طويلة، ويظن البعض أنهم يعرفون عن جارهم الكثير، بل أنهم قد يحسدونهم على النعمة التي يعيشون بها ،إلى أن يأتي يوم ينكشف الغطاء عن الجار لظروف الزمن القاهرة ، ويُفاجأ جيرانهم أنهم قد ظلموه كثيراً ، وأنهم قد جهلوا عنه الكثير ، فالجار ليس كما حسبوا ،أو ظنوا ، إنه مثقل بالهموم ، والمشاكل التي قد يصعب حلها ، والتي قد تدفعه أن يتنازل عن عفش بيته أحياناً لسد عجزه .
الدول العربية تُشبه كثيراً هذه البيوت فهي مليئة بالأسرار ، والذي يُحزن المواطن أن هذه الأسرار مؤلمة، وموجعة، وعليه أن يدفع ثمنها من جيبه، عليه أن يبيع أثاث نفسه حتى يسد عجز الحكومة ، فهل يعقل أن يدفع المواطن فاتورة أخطاء أصحاب القرار ؟ وهل يعقل أن لا يعرف عن هذه الأسرار إلا بعد تضخمها ، وتراكمها؟ وهل يعقل أن يبقى خارج الدائرة في حالة الرخاء ، وعند الشدة يُستدعى وحده ؟ ويبقى من كان سبباً في الخراب البيتي، والوطني خارج الحسابات ، وعليه أن ينتظر قليلاً حتى تتحسن الأحوال ليشارك بالنهب ، والسلب ، وهل من المعقول أن يبقى المواطن مغيباً تماماً عما يحدث في وطنه؟ وأين كان مجلس نوابه المنتخب ، أو المعيّـن ؟ وهل كان يعلم ؟ حقاً البيوت أسرار ، وحقاً الدول أسرار ، لكن في الدول التي تحترم نفسها ومواطنها تمارس الأمر بصورة مختلفة ، فالمواطن في الأصل شريك في القرارات الحكومية من خلال وزرائه، ونوابه، وأحزابه، وجمعياته ، إذن يترتب عليه المساهمة في حل المشكلة ، ولو كان المواطن العربي كذلك لرضي بأن يتحمل عبء المساهمة بالحل ، لكن المواطن العربي غائب ، ومغيب فأين هو العدل والإنصاف .
كل الحديث عن أسرار مالية ، فما بالك حين تنكشف الأسرار السياسية، وربما هذه الأسرار التي عرفها المواطن هي بعض من كل ، وهنا أريد أن أتحدث بخصوصية وطننا الذي نحبه، ونفديه ، الأردن الكبير ، والذي سيبقى كبيراً رغم معاناته من مشاكل مادية ، أقول مقترحاً اقتراح له حسبة بسيطة تتعلق بالدعم ، دون أن أعرف المستور ، والمخبأ ، والذي قد يكون أصعب بكثير من المكشوف .
ستدفع الحكومة لكل مواطن من مهدودي الدخل مبلغاً محدداً يعينه على رفع الأسعار ، وأتمنى على الدولة اقتراحاً أن تحتفظ بهذا المبلغ ، وتُضيف إليه اقتطاعاً بنسبة خمسة بالمئة من رواتب جميع الموظفين لمرة واحدة ، وتضيفه لما يُسمى مبلغ الدعم ، وبحسبة بسيطة نقول لو كان عدد الموظفين الذين يصل راتبهم أربعة آلاف هو عشرة آلاف مواطن فقط فإن الخصم أو الاقتطاع سيكون مليونين ، وأترك للآلات الحاسبة أن تُكمل مشوار حسبة الاقتطاع ، سوف نجد أن الاقتطاع أكثر عدلاً ، وأكثر جدوى ، طبعاً على أرباح المؤسسات الخاصة، والبنوك ، والخلويات نفس النسبة ، ولا أريد أن أكمل القائمة فهي معروفة .
سـلّم الله الوطن ، وسلّم قائد الوطن ، وسلّم المواطن من شر الأسرار ، والأشرار.