أردنيون وعراقيون شركاء في الفساد

ثلاثة ملفات لا يمكن اعتبارها في الأردن ملفات خارجية، إذ هي ملفات محلية بأبعاد مختلفة؛ الفلسطيني والسوري والعراقي، لهذا لا نغمس خارج الصحن إن تحدثنا عن أحدها، وبالبنط العريض.
في العراق أزمة عميقة في العملية السياسية وفي كل مكونات الوضع العراقي، والأهم في مستقبل الوفاق السياسي وحكومة الشراكة الوطنية، فما تحدث عنه نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي لـ"العرب اليوم " امس يكشف عن كيفية ادارة الدولة من قبل مكون من مكونات الشعب العراقي، والى اين يأخذ بلاد الرافدين.
لكن في العراق فساد يحتل أولوية في أجندات المتابعين للتجربة العراقية، وصلت في فترة ما الى عقود شراء الكلاب البوليسية، حيث سجل النائب العام يومها 27 نقطة لحالات في الفساد المالي والإداري بخصوص عقود شراء الكلاب البوليسية.
وبين ثنايا ملف الفساد المالي، يخترق الفساد أيضا جدران العملية السياسية، حيث كشفت مذكرة سرية عراقية عن شبه اتفاق بين بغداد وواشنطن على بقاء القوات الأمريكية حتى نهاية عام 2016، كما تحدد المذكرة تسعة مقرات وقواعد يستخدمها الأمريكيون في العراق بعد نهاية العام الحالي.
كما كشف تقرير لشبكة "أن.بي.آر" الأمريكية أن المحققين الأمريكيين أصبحوا على قناعة كاملة بأن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يقف عقبة ضد محاربة الفساد في العراق. وأشار التقرير الأمريكي إلى أن المالكي يقف عقبة أمام هيئة النزاهة التي من مهامها ملاحقة الفساد والقضاء عليه بتقديم المتورطين فيها إلى المحاكم المتخصصة .
ننبش ملف الفساد في العراق، لأقول إن هذا الفساد اخترق الحدود، واصبح لديه اصدقاء وشركاء في الاردن، وللاسف من اصحاب القرار، ومن الذين تبوأوا المناصب الرسمية العليا، بعضهم وجهت اليه اصابع الاتهام، وهم على رأس عملهم، واستمروا في هذه الشراكة بعد ان خرجوا من المناصب، مستغلين علاقاتهم ونفوذهم في تمرير بعض الصفقات على حساب رجال الاعمال الاردنيين الشرفاء، الذين يكدون بشرف ويستثمرون في العراق من خلال التجارة منذ عشرات السنين.
للمستثمرين الاردنيين الشرفاء حق على الدولة والحكومة باجهزتها أن تحمي ابناءها من تغول الفساد على تجارتهم، إن كان بافعال اردنية او عراقية، وبشراكات غير بريئة تسيء لكل مال نظيف، لكن المصيبة أن الفساد وصل الى حد الحماية الرسمية لبعض رجال الاعمال العراقيين الذين ينافسون نظراءهم الاردنيين معتمدين على شبكة نفوذهم في البلدين.
معلوماتنا التي ندقق فيها حاليا لنشرها على الملأ، تقول ان شخصيات متنفذة، وتزعم انها محمية، تعمل على محاربة الاستثمار الشريف الذي لا يقبل ان يدفع خاوات لاحد، إن كان في العراق او في الاردن، والشراكة الفاسدة بين الطرفين وصلت الى تهديد مصالح مستثمرين اردنيين لهم في العراق عشرات المشروعات، ويعملون على جلب المال النظيف إلى البلاد.
احتدام الأزمة بين أقطاب العملية السياسية في العراق وكما يقول الهاشمي إن الدعم الايراني والتراخي الامريكي مكنا المالكي من الاستفراد بالسلطة وتصفية خصومه، يكشف أن العجز في احتواء تداعياتها هو نتاج صراع المصالح والاستحواذ على أكبر قدر من الفوائد التي يتم الحصول عليها من نظام المحاصصة، والتي تتم على حساب معاناة الشعب وآماله وتطلعاته، وفي الموضوع العراقي عبرة لكل من يفكر بالأوطان على قاعدة نظام المحاصصة في كل شيء، فهل نتعظ ؟