في بيان لها، حذرت الجبهة الوطنية للإصلاح من توجه الحكومة نحو رفع الأسعار بذريعة رفع الدعم عن السلع الأساسية، ورأت أن هذا التوجه سيؤدي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية والمعيشية وسيزيد من حجم الأعباء التي يتحملها الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
أما إن هناك توجهاً حكومياً لتغيير أسلوب الدعم الشامل فهو صحيح، ولكن ليس لجميع السلع الأساسية كما يقول البيان بل لخمسة مشتقات نفطية فقط، أما دعم الخبز والأعلاف والكهرباء فهو مستمر حتى إشعار آخر.
وأما إن توجه الحكومة المشار إليه يعمق الازمة الاقتصادية فالعكس هو الصحيح، ذلك إن الإجراءات محل البحث تهدف لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتمثلة في عجز الموازنة وارتفاع المديونية، والحيلولة دون تفاقم الأزمة لدرجة الخطر كما حدث في الثمانينات.
وأما أن المساس بالدعم السلعي والتوقف عن تثبيت الأسعار محلياً بالرغم من حركتها عالمياً سوف يزيد أعباء الفقراء ومتدنيي الدخل فالعكس هو الصحيح، ذلك أن الدعم النقدي المقرر للفقراء ومحدودي الدخل يزيد عن الاستفادة المحدودة لهذه الفئات من الدعم الحالي.
وتطرح الجبهة بدائل عديدة لعلاج الأزمة الاقتصادية تستحق البحث ولكننا سنقف عند واحد منها وهو محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، مما أصبح شعاراً جاهزاً لمنع أي إصلاح مالي.
دائرة مكافحة الفساد تحيل قضايا الفساد بالجملة إلى القضاء، ولكنها لا تقدم الأدلة الكافية لإدانة من تشتبه بهم، والقضاء لا يستطيع الحكم بموجب الشبهات والشعارات السياسية، بل يحتاج لأدلة لم يقدمها أحد، مما يحرج القضاء الذي يعمل على التأجيل حتى لا يتسرع في منح البراءة.
تجاه هذه الحالة اقترح البعض أن يقوم المدعي العام باستدعاء كل من يرفع شعار محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة للتحقيق معه عن معلوماته المحددة إذا لم تكن مجرد اتهامات طائشة موجهة لمجهولين.
لنفرض جدلاً أن القضاء استرد الأموال المنهوبة، فمعظمها يخص المستثمرين المغفلين في شركات البورصات، أو تخص شركات ومؤسسات وجمعيات وبنوك إلى آخره ولا تذهب إلى الخزينة أو تسد العجز.
ما يجب أن يكون مفهومأً أن الفساد ليس مصدر تمويل دائم للخزينة يغنيها عن زيادة الإيرادات المحلية وتخفيض النفقات المتكررة وعلى رأسها دعم غير المستحقين. واسترداد الأموال المنهوبة لا يوفر 5ر2 مليار دينار سنوياً لتمويل الدعم وسد العجز في الموازنة العامة.