تنسيقية الحراك ..لماذا الان !

حين بادرت بعض الحراكات الشعبية في الدعوة إلى تنسيقية تجمعها وتوحد عملها وتنظم برامجها وأدوات نضالها قبل عام تقريبا ، لم يكن ذلك من دواع الترحيب لدى الإخوان المسلمين ، فعملوا على تفتيت تلك التنسيقية وكادوا يجهضون عملها ، واستطاعوا وعبر رموزهم ونشطائهم سحب بعض الحراكات من التنسيقية لأسباب تتعلق برفض الجماعة لوجود أي قوة في الشارع " تنافس" الحركة وتسرق منها الأضواء المسلطة عليها شعبيا ورسميا ! و كونها أي تلك الحراكات لا تحمل أية أجندة غير وطنية، مما كان يضعف الجماعة ويضعها في إحراج أمام الناس كونها تحمل أجندة غير وطنية ولا يعنيها الأردن بالقدر الذي تعنى به تلك الحراكات ، ونجحت التنسيقية في إقامة فعاليات واسعة أثبتت مقدرة الحراك لأن يكون طرفا ثالثا حاسما في الساحة الوطنية إلى جانب النظام والجماعة ،مما قد يلغي نظرية قطبي المعادلة السياسية في الأردن الإخوان والنظام ،ويمهد لتطور سياسي ووطني وشعبي كبير ، يلعب دورا رائدا في الحياة السياسية في البلاد ،فكانت جمعة الإنقاذ 510 دليل على إمكانية الحراك وثباته وحضوره بالقوة التي أذهلت الجميع وأدهشت الحركة نفسها ، فما كان من حشد كبير وتنظيم عال راق لتلك الفعالية يعود اسبابه للتنظيم والقيادة التي أدارت تلك العملية من قبل الحراك الشعبي وليس للحركة وحدها ،بالرغم من الجهود العظيمة التي قدمتها الحركة لإنجاح الفعالية .
من جديد يخرج علينا الفلاحات وفي اجتماع عام للحراكات في لقا في مجمع النقابات بالدعوة من جديد إلى الإشادة بتلك الحراكات وضرورة توحيدها بالرغم من أن الدعوة لتنسيقية جديدة جاءت على لسان بعض الحراكيين المقربين للجماعة ، وهم الذين رفضوا سابقا الاستمرار بالتنسيقية ، وهي محاولة تشير إلى شعور الحركة بالحاجة إلى شركاء في الشارع وفي مختلف المحافظات في مواجهة سياسات النظام ورفضه تقديم أية تنازلات تتعلق بالقانون الانتخابي أو التعديلات الدستورية التي تحرص الحركة على المطالبة بها ، والتي كانت محطة مفاوضات ماراثونية كان يمكن التنازل عنها من قبل الحركة أمام تنازلات رسمية لبعض أجندة الحركة ، والسؤال هنا ، ما الذي تهدف إليه هذه الجماعة من خلال دعوتها لتوحيد التنسيقية وهي نفسها الحركة التي انسلخت فعليا وأبقت صورتها موجودة فقط في الجبهة الوطنية للإصلاح والتي يفترض أن تكون إطاراً جامعاً للإسلاميين وأحزاب وشخصيات سياسية، وكانت بمثابة واجهة سياسية للجماعة،ولكنها وبشكل مفاجئ أعلنت منفردة تشكيل مجلسا أعلى للإصلاح بعيدا عن الجبهة ! وهل يتعلق الأمر بتوحيد الجهود وتعبئة الناس نحو برنامج مواجهة الانتخابات وإسقاطها بعد أن فشلت الحركة وحدها سواء بالشارع او بالمفاوضات السرّية والعلنية مع النظام من تحقيق مكاسب خاصة بها لم يرضخ لها النظام ! وهل باتت الحراكات الشعبية التي أظهرت صمودا وقوة وحضورا وتأثيرا مغنما لتلك الجماعة وتسعى لاستثمار تلك القوة في خدمة أجندتها !! وهل لتلك الدعوة علاقة بمحاولة الإسلاميين التوقف عن احتكار المشهد الإصلاحي بعد أن هاجمهم الكثير واعتبرهم "أنانيو "العمل الإصلاحي بغية تحقيق أجندتهم الخاصة وإدارة ظهرهم لبقية القوى والحراكات ! وهل لتلك الدعوة علاقة بالخلافات داخل الحركة بين تيارات راغبة بالمشاركة وأخرى معارضة تسعى لتدعيم موقفها من خلال حشد أكبر قدر من المعارضة للمشاركة لتأكيد موقفها الرافض للمشاركة !!
لم تعد الحراكات الشعبية تقبل بدور ثانوي تمليه الحركة في الشارع كما كانت تفعل بعض الحراكات ، فيما كانت الحركة تفاوض أركان النظام من حكومات وأجهزة ومخابرات لتحقيق أجندتها كما كان واقع الحال ، وعلى الحراكات أن تجالس هذه الجماعة ندا بند وقوة بقوة ،لاتننازل عن برامجها ولا تتساوق مع أجندة غير وطنية نوعلى التنسيقية الجدية أن تتميز ببرامجها وفعالياتها بما يجعلها مميزة لا تابعة ،مبادرة لا ملحقة ، فالخلاف بين الجماعة والحراك وحتى الكثير من القوى متعلق بأجندة الحركة الإسلامية التي تتناقض كثيرا مع مطالب الناس في العديد من قضاياها السياسية وخاصة ما يتعلق منها بالوطن البديل وقوننة قرار فك الارتباط وديموغرافيا المقاعد النيابية والتجنيس وغيرها من المواقف التي لازالت تتحفظ الحركة على ذكرها خشية من ردود فعل الشارع ..