جلالة الملك : من يريد إصلاحات إضافية أو تطوير قانون الانتخاب فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم
اخبار البلد : عمان 23 تشرين الاول(بترا)- أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن صوت المواطن في
الانتخابات النيابية القادمة هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان القادم، والحكومة
البرلمانية، وبالتالي السياسات والقرارات التي ستؤثر على حياة جميع
المواطنين.
وشدد جلالته، في كلمة خلال لقائه في الديوان الملكي الهاشمي اليوم ما
يزيد على ثلاثة آلاف من أبناء الوطن من مختلف مناطق المملكة: "رسالتي لكم، ولكل
الأحزاب والقوى السياسية: إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل، فهناك فرصة من خلال
الانتخابات القادمة، ومن خلال البرلمان القادم، ومن يريد إصلاحات إضافية، أو تطوير
قانون الانتخاب، فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع،
التي تجسد إرادة الشعب".
وانطلاقا من مسؤولية جلالة الملك في تشجيع سائر القوى
على ممارسة حقهم في المشاركة في العملية الديمقراطية وتحمل المسؤولية الوطنية في
بناء مستقبل الأردن، لفت جلالته إلى ضرورة أن تنظم "القوى السياسية والأحزاب
والقوائم نفسها بسرعة، وأن تبني برامجها الانتخابية لمدة أربع سنوات، وأن يطرحوا
فيها للناخبين السياسات التي يريدونها، وأية إصلاحات أخرى مطلوبة".
وقال جلالته
إن من حق المواطن الحصول على إجابات واضحة حول العديد من الأسئلة التي تدور في ذهنه
"من خلال برامج عملية تستند إلى الواقع، وبعيدة عن التنظيـر، وعندها سيتمكن
الناخبون من اختيار من يريدون عبر صناديق الاقتراع، وبحجم المشاركة، سيكون حجم
التغيير. فالبرلمان القادم هو بوابة العبور إلى الإصلاح الشامل، وهو المؤسسة
الوطنية والدستورية القادرة على إحداث التغيير الحقيقي، وتجاوز تحدياتنا الوطنية من
خلال ترسيخ النهج الديموقراطي، وثقافة الحوار، والنقاش المنتج على أحسن
المستويات".
ولفت جلالته إلى أن مسؤوليته، "ضمن نظامنا الملكي الدستوري هي
الالتزام بمخرجات العملية الدستورية، التي تم التوافق عليها، واحترام رأي الأغلبية،
فأنا لكل فئات المجتمع، سواء كانت في الحراك أو المعارضة، أو الغالبية الصامتة،
الذين نعتبرهم جميعا في خدمة الوطن".
وأوضح جلالة الملك أن "الطريق مفتوح أمام
الجميع، بما فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان القادم، وطريق المشاركة السياسية،
ما زال أيضا مفتوحا، لكل أطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الأردن فعلا لا
قولا".
ولفت جلالته في الكلمة إلى ضرورة التمييز بين معارضة وطنية بناءة وحراك
إيجابي، وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن، قائلا
"المعارضة البناءة والحراك الإيجابي طموح مشروع ومطلوب، أما الحراك السلبي،
والشعارات الفارغة، ومحاولات إثارة الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة، وعلينا أن نتذكر
أن الشعارات البرّاقة ليست هي الـحل، وأن العقليات الرجعية والمتطرفة وغير
المتسامحة غير أمينة على مستقبل أبنائنا".
وقال جلالته "نحن نؤمن بحق المعارضة
في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية، بعيدا عن الانتهازية،
والشعارات الزائفة، واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة وعواطف الناس، لكن لا يجوز
لأي فئة أن تدعي احتكار الحقيقة، أو تمثيل كل الشعب".
وبين جلالة الملك أن
"الدور الذي نريده للمعارضة هو امتلاك رؤية وبرامج عملية، والمشاركة والحضور في
البرلمانات القادمة، لتقوم بدورها التشريعي والرقابي على الحكومات
البرلمانية".
وحول مشكلة الفساد، أشار جلالته إلى الجهود التي تبذل "لاجتثاث
الفساد وردعه، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء وهيئة مكافحة الفساد، ولا بد من
إعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات لتأخذ العدالة مجراها".
أما بالنسبة لعجز
الموازنة والمديونية، أوضح جلالته "علينا أن نتذكر أننا كنا نحصل على النفط من
العراق بأسعار مدعومة قبل عام 2003، وبحدود 30 دولار للبرميل، والآن نشتري النفط
بأسعار تجاوزت 100 دولار للبرميل. إن الارتفاع في العجز والدين العام كان ضمن
المعقول سابقا، وكان يزيد سنويا نتيجة استمرار الارتفاع في أسعار النفط والغذاء،
ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد، واستمرار دعم بعض المواد الأساسية،
والإنفاق لتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وهذه جميعها زادت
من حجم الدين"، مضيفا جلالته "وفوق كل هذا، وفي آخر سنتين تحديدا، كان هناك ارتفاع
غير مسبوق في الدين والعجز، والسبب في ذلك توقف الغاز المصري، الذي كلفنا عبر
السنتين الماضيتين، ولغاية الآن حوالي 4 مليار دولار، وكعجز ودين إضافي
سنوي".
وفي إشارة إلى شعارات رفعت مؤخرا من قبل عدد محدود من المشاركين خلال
المسيرات، استعرض جلالة الملك رؤيته لطبيعة الحكم في الأردن، ودور القيادة
الهاشمية، ومسؤوليات جلالته تجاه الشعب والدولة.
وأكد جلالته أن النظام في
الأردن "هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور... النظام هو القيم
والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر... النظام هو أيضا الكوادر التي
تُسيِّر هذه المؤسسات، التي تضم جميع فئات ومكونات المجتمع الأردني... النظام هو
الـمؤسسات والمواطنون، وكل فرد في هذا المجتمع هو جزء من النظام".
وتأتي تصريحات
جلالته حول النظام في الأردن وما رفع من شعارات معزولة حرصا من جلالته على وضع
الأمور في نصابها، وفتح الحوار الوطني حول مستقبل الأردن لتشمل مناقشة جميع القضايا
دون أية تابوهات.
وبين جلالة الملك أن الأردن "الذي لا يملك إلا رجالاته
وعزيمتهم، تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص،
أو طرف واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل".
وقال جلالته
"الحكم بالنسبة لنا نحن الهاشميين لم يكن في أي يوم من الأيام مغنما نسعى إليه،
وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها لخدمة هذه الأمة، والدفاع عن قضاياها ومصالحها.
وقد قدمنا في سبيل ذلك العديد من الشهداء، ولم يكن الحكم بالنسبة لنا أيضا، وفي أي
يوم من الأيام قائما على احتكار السلطة، ولا على القوة وأدواتها، وإنما على رعاية
مؤسسات الدولة، التي تدار من قبل أبناء هذا الشعب بكل فئاته، وفق أحكام الدستور.
وهذا النهج نسير عليه منذ عهد الجد المؤسس وإلى اليوم".
وأضاف جلالة الملك "أما
بالنسبة لي، أنا عبدالله ابن الحسين، فأنا مستمر على هذا النهج، والـمُلْكُ بالنسبة
لي ليس مغنما وإنما مسؤولية، فالـملك لله وحده. والذي أعتز به هو أولا شرف النسب
لسيدنا وجدنا الأكبر، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد النسب الشريف، وما يترتب
عليه من التزامات، أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا الشعب النبيل
والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة. ومن بعد ذلك، واجبي في تحمل أمانة المسؤولية،
ورعاية مصالح هذا الشعب، وهذا الوطن العزيز".
وفيما يلي النص الكامل لكلمة
جلالة الملك:
الله يعطيكم العافية، وأهلا وسهلا بالجميع، في بيتكم، بيت
الأردنيين جميعا.
أخواتي وإخواني،
أحببت أن التقي معكم اليوم، حتى
نتحدث بصراحة، في هذه المرحلة، التي يمر بها وطننا العزيز، وللتأكيد على خارطة
الطريق لمسارنا الإصلاحي.
أدرك تماما يا إخوان أن كل عملية تحديث أو تغيير
يرافقها بعض القلق من الـمجهول، وهذا أمر طبيعي. الـمطالب الشعبية تركزت خلال العام
والنصف الماضيين على تعزيز حق المواطنين في المشاركة الفاعلة في عملية صنع
القرارات، التي تؤثر عليهم وعلى مستقبلهم، ونحن ملتزمون بضمان هذا الحق
للجميع.
وكانت الانطلاقة في هذه المرحلة وفق خارطة الطريق التي تم الاتفاق
على مسارها قبل عام ونصف تقريبا، والتي تضمنت تعديلات دستورية جعلت من الشعب شريكا
حقيقيا في العملية السياسية، ومن أبرزها: المحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة
للانتخاب، والقوانين الناظمة للحياة السياسية، ومنها قانون الانتخاب، وقانون
الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة تفرز مجلسا نيابيا
يؤسس لتجربة الحكومات البرلمانية.
وأؤكد لكم هنا بأن بلدنا يسير في الاتجاه
الصحيح نحو تحقيق الإصلاح المنشود، وأعود وأشدد أنه سيكون لدينا برلمان جديد بحلول
العام القادم بعد إجراء الانتخابات النيابية، التي ستكون بعون الله، في أعلى درجات
النزاهة والشفافية.
ومثلما ذكرت من قبل: رسالتي لكم، ولكل الأحزاب والقوى
السياسية: إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل، فهناك فرصة من خلال الانتخابات القادمة،
ومن خلال البرلمان القادم. ومن يريد إصلاحات إضافية، أو تطوير قانون الانتخاب،
فليعمل من تحت قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع، التي تجسد إرادة
الشعب.
إخواني وأخواتي،
إن مسؤوليتي، ضمن نظامنا الملكي الدستوري هي
الالتزام بمخرجات العملية الدستورية، التي تم التوافق عليها، واحترام رأي الأغلبية،
فأنا لكل فئات المجتمع، سواء كانت في الحراك أو المعارضة، أو الغالبية الصامتة،
الذين نعتبرهم جميعا في خدمة الوطن.
صوت المواطن يا إخوان في هذه الانتخابات
هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان القادم، والحكومة البرلمانية، وبالتالي سيحدد
السياسات والقرارات التي ستؤثر على حياة كل مواطن. لذلك، يجب أن لا يسمح الـمواطن،
لأي أحد، أن يصادر حقه في الاقتراع والتغيير.
ويجب على القوى السياسية
والأحزاب والقوائم أن تنظم نفسها بسرعة، وأن تبني برامجها الانتخابية لمدة أربع
سنوات، وأن يطرحوا فيها للناخبين السياسات التي يريدونها، وأية إصلاحات أخرى مطلوبة
، ومن ذلك على سبيل الـمثال:
كيف ستكون معالجة مشكلة الفقر والبطالة؟
كيف
سيتم حل مشكلة المديونية وعجز الموازنة؟
ما هو الإصلاح الضريـبي الأفضل؟
كيف
سيتم تطوير النظام الانتخابي؟
كيف ستتم معالجة تحديات المياه والطاقة؟
كيفية
تحسين نوعية الخدمات في المجالات الصحية والتعليمية والمواصلات؟
ومن حق
المواطن الحصول على إجابات واضحة لهذه الأسئلة وغيرها من خلال برامج عملية تستند
إلى الواقع، وبعيدة عن التنظيـر، وعندها سيتمكن الناخبون من اختيار من يريدون عبر
صناديق الاقتراع، وبحجم المشاركة، سيكون حجم التغيير. فالبرلمان القادم هو بوابة
العبور إلى الإصلاح الشامل، وهو المؤسسة الوطنية والدستورية القادرة على إحداث
التغيير الحقيقي، وتجاوز تحدياتنا الوطنية من خلال ترسيخ النهج الديموقراطي، وثقافة
الحوار، والنقاش المنتج على أحسن المستويات.
إخواني وأخواتي،
أصبح من الضروري أن نميز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي، وبين معارضة
وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن. المعارضة البناءة والحراك
الإيجابي طموح مشروع ومطلوب، أما الحراك السلبي، والشعارات الفارغة، ومحاولات إثارة
الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة، وعلينا أن نتذكر أن الشعارات البرّاقة ليست هي الـحل،
وأن العقليات الرجعية والمتطرفة وغير المتسامحة غير أمينة على مستقبل
أبنائنا.
دعونا نقف أيضا عند الشعارات التي رفعت ضد الفساد، وأنا معكم في التصدي له،
وهناك جهود كبيرة لاجتثاث الفساد وردعه، وهناك قضايا منظورة أمام القضاء وهيئة
مكافحة الفساد، ولا بد من إعطاء الوقت اللازم لهذه المؤسسات لتأخذ العدالة مجراها.
لكن للأسف، هناك جزء من الشعارات يقوم على الشخصنة والتجريح والتشهير، واستباق
العدالة، وتحويل الموضوع إلى محاكمات شعبية على حساب العدالة.
أما بالنسبة لعجز الموازنة والمديونية، فعلينا أن نتذكر أننا كنا نحصل على
النفط من العراق بأسعار مدعومة قبل عام 2003، وبحدود 30 دولارا للبرميل، والآن
نشتري النفط بأسعار تجاوزت 100 دولار للبرميل. إن الارتفاع في العجز والدين العام
كان ضمن المعقول سابقا، وكان يزيد سنويا نتيجة استمرار الارتفاع في أسعار النفط
والغذاء، ومبادرات الدولة لتحسين الرواتب والتقاعد، واستمرار دعم بعض المواد
الأساسية، والإنفاق لتحسين خدمات التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وهذه
جميعها زادت من حجم الدين.
وفوق كل هذا، وفي آخر سنتين تحديدا، كان هناك ارتفاع غير مسبوق في الدين
والعجز، والسبب في ذلك توقف الغاز المصري، الذي كلفنا عبر السنتين الماضيتين،
ولغاية الآن حوالي 4 مليارات دولار، وكعجز ودين إضافي سنوي! حتى دعم الأخوة في
المملكة العربية السعودية لنا العام الماضي، ولهم منا كل الشكر والتقدير، بالكاد
غطى العجز الإضافي الناجم عن توقف الغاز المصري عام 2011.
لذلك، يجب أن نكون موضوعيين يا إخوان، ونحرص على الحقيقة في تفسير الأمور،
وأن نتقي الله فيما نقول.
نحن نؤمن بحق المعارضة في أن تكون شريكا أصيلا وفاعلا في العملية السياسية،
بعيدا عن الانتهازية، والشعارات الزائفة، واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة وعواطف
الناس، لكن لا يجوز لأي فئة أن تدعي احتكار الحقيقة، أو تمثيل كل
الشعب.
إن الدور الذي نريده للمعارضة هو امتلاك رؤية وبرامج عملية، والمشاركة
والحضور في البرلمانات القادمة، لتقوم بدورها التشريعي والرقابي على الحكومات
البرلمانية.
إخواني وأخواتي،
هناك مجموعه قليلة ممن خدموا في مواقـع المسؤولية، وكان لهم دور رئيسي في
صناعة القرارات والسياسات والبرامج والقوانين المؤقتة، وبعضهم استفاد من تقديـم
خدمات استشارية وقانونية في هذا الإطار، نراهم اليوم ينتقدون هذه السياسات
والقرارات، ويدافعون عن تجربتهم وأدائهم، مع أنهم هم من وضع هذه السياسات، وهذه
البرامج، وهذه القوانين بكامل حريتهم. "يعني لما يكونوا في موقع المسؤولية، كل شيء
صحيح وعال العال، ولما يكونوا خارج مواقع المسؤولية، كل شيء غلط، والدنيا
خربانه".
ودعونا نتحدث اليوم أيضا عن بعض الشعارات، والتي رفعها عدد قليل من
المتظاهرين. إسقاط النظام: من المؤسف أن عددا قليلا جدا من المشاركين في الحراك،
رفعوا هذا الشعار، ودعونا نقف عند هذا الموضوع، ونضع النقاط على الـحروف. أولا ما
هو النظام؟ النظام هو الدولة بكل مؤسساتها ودوائرها تحت مظلة الدستور... النظام هو
القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المؤسسات والدوائر... النظام هو أيضا الكوادر
التي تُسيِّر هذه المؤسسات، التي تضم جميع فئات ومكونات المجتمع
الأردني.
لا أحد يحتكر مكونات الدولة. النظام هو الـمؤسسات والمواطنون، وكل فرد في
هذا المجتمع هو جزء من النظام. وهذا البلد، الذي لا يملك إلا رجالاته وعزيمتهم،
تحدى المستحيل بتضحيات لن تنسى، وهذه الدولة الأردنية ليست إنجازا لشخص، أو طرف
واحد، وإنما هي إنجاز تراكمي لكل الأردنيين من جيل إلى جيل.
أما إذا كان الهدف من هذه الشعارات التشكيك بالرعاية الهاشمية لهذه الدولة،
فدعوني أتحدث بمنتهى الوضوح: الحكم بالنسبة لنا نحن الهاشميين لم يكن في أي يوم من
الأيام مغنما نسعى إليه، وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها لخدمة هذه الأمة،
والدفاع عن قضاياها ومصالحها. وقد قدمنا في سبيل ذلك العديد من الشهداء، ولم يكن
الحكم بالنسبة لنا أيضا، وفي أي يوم من الأيام قائما على احتكار السلطة، ولا على
القوة وأدواتها، وإنما على رعاية مؤسسات الدولة، التي تدار من قبل أبناء هذا الشعب
بكل فئاته، وفق أحكام الدستور. وهذا النهج نسير عليه منذ عهد الجد المؤسس وإلى
اليوم.
أما بالنسبة لي، أنا عبدالله ابن الحسين، فأنا مستمر على هذا النهج،
والـمُلْكُ بالنسبة لي ليس مغنما وإنما مسؤولية، فالـملك لله وحده. والذي أعتز به
هو أولا شرف النسب لسيدنا وجدنا الأكبر، محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعد النسب
الشريف، وما يترتب عليه من التزامات، أتشرف أن أكون مواطنا أردنيا، وأن أشارك هذا
الشعب النبيل والأصيل مواقفه وتضحياته الجسيمة. ومن بعد ذلك، واجبي في تحمل أمانة
المسؤولية، ورعاية مصالح هذا الشعب، وهذا الوطن العزيز.
علمني الحسين رحمة الله عليه، وعلمنا جميعا أن رضا الله سبحانه وتعالى،
وخدمة هذه الأمة هي غايتنا الوحيدة في هذه الدنيا. وكلكم تعلمون أنني ابن القوات
المسلحة والجيش العربي: هذا الجيش الذي فيه من كل مكونات الشعب الأردني. قضيت في
الجيش شبابـي بين الزرقـاء والقطرانة والبادية، وفي كل مكان في الأردن. لذلك أنا
أعرف أبناء شعبي، لأني عشت بينهم ومثل أي واحد منهم، وأعرف همومهم، وطموحاتهم. ومنذ
اليوم الأول من شرف الـخدمة في الجيش العربي، نذرت نفسي لخدمة هذا الوطن، الذي
يستحق من كل واحد منا، أن يخدمه بكل ما يستطيع.
وأعود وأكرر إخواني وأخواتي، أريد من كل أبناء وبنات الأسرة الأردنية
الواحدة الكبيرة الحرص على المشاركة في الانتخابات القادمة، لتحقيق التغيير
والإصلاح المنشود، والوقوف جنبا إلى جنب، في التصدي لكل من يحاول التشكيك بإنجازات
الدولة الأردنية أو تـهديد وحدتها أو عرقلة مسيرتها، أو العبث بأمن الوطن
واستقراره.
والطريق مفتوح أمام الجميع، بما فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان القادم،
وطريق المشاركة السياسية، ما زال أيضا مفتوحا، لكل أطياف المجتمع الحريصين على
مصلحة الأردن فعلا لا قولا، وكلي ثقة بأن الـمستقبل الذي نريده لشعبنا وللأجيال
القادمة سيكون مشرقا بعون الله.
إخواني وأخواتي،
نحن على أبواب عيد الأضحى المبارك. وبهذه المناسبة، أتوجه بالتهنئة
والمباركة لكل أبناء وبنات الأردن العزيز. وكل عام وأنتم جميعا والأردن الغالي بألف
خير.
والسلام عليكم ورحمة الله.